وكان في المدينة أي: مدينة ثمود وقريتهم، وهي الحجر تسعة رهط هو اسم جمع يطلق على العصابة دون العشرة - كما قال - وفي الكشاف: هو من الثلاثة أو من السبعة إلى العشرة، وقيل: بل يقال إلى الأربعين وليس بمقبول، وأصله - على ما نقل عن الكرماني - من الترهيط، وهو تعظيم اللقم وشدة الأكل، وقد أضيف العدد إليه. الراغب
وقد اختلف في جواز إضافته إلى اسم الجمع، فذهب إلى أنه لا ينقاس، وما ورد من الإضافة إليه فهو على سبيل الندور، وقد صرح الأخفش أنه لا يقال: ثلاث غنم. سيبويه
وذهب قوم إلى أنه يجوز ذلك وينقاس، وهو مع ذلك قليل، وفصل قوم بين أن يكون اسم الجميع للقليل كرهط ونفر وذود فيجوز أن يضاف إليه؛ إجراء له مجرى جمع القلة، أو للكثير أو يستعمل لهما، فلا يجوز إضافته إليه، بل إذا أريد تمييزه به جيء به مقرونا بـ(من) كـ(خمسة من القوم) وقال تعالى: فخذ أربعة من الطير وهو قول . المازني
واختار غير واحد أن إضافة تسعة إلى رهط هاهنا باعتبار أن رهطا لكونه اسم جمع للقليل في حكم أشخاص ونحوه من جموع القلة، وهي يضاف إليها العدد كـ(تسعة أشخاص) و(تسع أنفس) وهذا معنى قولهم: إن وقوع رهط تمييزا لتسعة باعتبار المعنى، فكأنه قيل: تسعة أشخاص، وقيل: أي: تسعة أنفس، وتأنيث العدد؛ لأن المذكور في النظم الكريم (رهط) وهو مذكر، فليس ذاك من غير الفصيح، كقوله: (ثلاثة أنفس وثلاث ذود) نعم، تقدير ما تقدم أسلم من المناقشة، وأما ما قيل: أي: تسعة رجال ففيه الغفلة عما أشرنا إليه.
ثم إنه ليس المراد أن الرهط بمعنى الشخص أو بمعنى النفس، بل إن التسعة من الأشخاص أو من الأنفس هي الرهط، فليس المعدود بالتسعة ما دل عليه الرهط من الجماعة ليكون هناك تسع جماعات لا تسعة أفراد.
وقال الإمام: الأقرب أن يكون المراد تسعة جمع؛ إذ الظاهر من الرهط الجماعة، ثم يحتمل أنهم كانوا قبائل، ويحتمل أنهم دخلوا تحت العدد لاختلاف صفاتهم وأحوالهم لا لاختلاف النسب، اهـ.
وقيل: كان هؤلاء التسعة رؤساء، مع كل واحد منهم رهط، ولذا قيل: (تسعة رهط) وأسماؤهم - عن -: وهب الهذيل بن عبد رب، وغنم بن غنم، ودباب بن مهرج، وعمير بن كردية، وعاصم بن مخزمة، وسبيط بن صدقة، وسمعان بن صفي، وقدار بن سالف، وهم الذين سعوا في عقر الناقة، وكانوا عتاة قوم صالح، ومن أبناء أشرافهم.
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم أن أسماءهم: ابن عباس دعمي، ودعيم، وهرمي، وهريم، ودواب، وصواب، ودياب، ومسطح ، وقدار وهو الذي عقر الناقة.
يفسدون في الأرض - لا في المدينة فقط - إفسادا بحتا لا يخالطه شيء من الصلاح، كما ينطق به قوله تعالى: ولا يصلحون أي: لا يفعلون شيئا من الإصلاح، أو لا يصلحون شيئا من الأشياء، والمراد أن عادتهم المستمرة ذلك الإفساد، كما يؤذن به المضارع، والجملة في موضع الصفة لـ(رهط) أو لـ(تسعة).