فإذا ركبوا في الفلك متصل بما دل عليه شرح حالهم، والركوب الاستعلاء على الشيء المتحرك وهو متعد بنفسه كما في لتركبوها [النحل: 8]، واستعماله ها هنا وفي أمثاله نفي للإيذان بأن المركوب في نفسه من قبيل الأمكنة، وحركته قسرية غير إرادية، والفاء للتعقب، وفي الكلام معنى الغاية، فكأنه قيل: هم مصروفون عن توحيد الله تعالى مع إقرارهم بما يقتضيه، لاهون بما هو سريع الزوال ذاهلون عن الحياة الأبدية، حتى إذا ركبوا في الفلك ولقوا الشدائد دعوا الله مخلصين له الدين أي كائنين في صورة من أخلص دينه وملته أو طاعته من المؤمنين، حيث لا يذكرون إلا الله تعالى، ولا يدعون سواه سبحانه لعلمهم بأنه لا يكشف الشدائد إلا هو عز وجل، وفيه تهكم به سواء أريد بالدين الملة، أو الطاعة، أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فلأنهم لا يستمرون على هذه الحال، فهي قبيحة باعتبار المآل فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون أي فاجؤوا المعاودة إلى الشرك، ولم يتأخروا عنها ولا وقتا.