أولم يروا ألم ينظروا ولم يشاهدوا أنا جعلنا أي بلدهم حرما مكانا حرم فيه كثير مما ليس بمحرم في غيره من المواضع آمنا أهله عما يسوءهم من السبي والقتل على أن أمنه كناية عن أمن أهله، أو على أن الإسناد مجازي أو على أن في الكلام مضافا مقدرا، وتخصيص أهل مكة ، وأن أمن كل من فيه حتى الطيور والوحوش لأن المقصود الامتنان عليهم، ولأن ذلك مستمر في حقهم.
وأخرج جويبر، عن ، عن الضحاك ابن عباس: أن أهل مكة قالوا: يا محمد، ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس لقلتنا، والعرب أكثر منا، فمتى بلغهم أنا قد دخلنا في دينك اختطفنا، فكلنا أكلة رأس، فأنزل الله تعالى: أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا [ ص: 14 ] ويتخطف الناس من حولهم
يختلسون من حولهم قتلا وسبيا، إذا كانت العرب حوله في تغاور وتناهب. والظاهر أن الجملة حالية بتقدير مبتدإ، أي وهم يتخطف إلخ، أفبالباطل يؤمنون أن أبعد ظهور الحق الذي لا ريب فيه، أو أبعد هذه النعمة المكشوفة وغيرها بالصنم، وقيل: بالشيطان يؤمنون، وبنعمة الله يكفرون وهي المستوجبة للشكر حيث يشركون به تعالى غيره سبحانه، وتقديم الصلة في الموضعين للاهتمام بها، لأنها مصب الإنكار أو للاختصاص على طريق المبالغة، لأن الإيمان إذا لم يكن خاصا لا يعتد به، ولأن كفران غير نعمته عز وجل بجنب كفرانها لا يعد كفرانا.
وقرأ السلمي، «تؤمنون» و «تكفرون» بتاء الخطاب فيهما . والحسن