[ ص: 25 ] ويوم تقوم الساعة التي هي وقت إعادة الخلق ومرجعهم إليه عز وجل يبلس المجرمون أي يسكتون وتنقطع حجتهم، قال الإبلاس الحزن المعترض من شدة اليأس، ومنه اشتق إبليس فيما قيل، ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل: أبلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته، وأبلست الناقة فهي مبلاس إذا لم ترغ من شدة الضبعة، وقال الراغب: ابن ثابت: يقال: أبلس الرجل إذا يئس من كل خير، وفي الحديث «وأنا مبشرهم إذا أبلسوا»
والمراد بالمجرمين على ما أفاده الطيبي أولئك الذين أساؤوا السوأى، لكنه وضع الظاهر موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بهذا الوصف الشنيع، والإشعار بعلة الحكم.
وقرأ كرم الله تعالى وجهه، علي والسلمي «يبلس» بفتح اللام، وخرج على أن الفعل من أبلسه إذا أسكته، وظاهره أنه يكون متعديا، وقد أنكره أبو البقاء، والسمين، وغيرهما حتى تكلفوا وقالوا: أصله يبلس إبلاس المجرمين على إقامة المصدر مقام الفاعل، ثم حذفه، وأقام المضاف إليه مقامه. وتعقبه الخفاجي عليه الرحمة فقال: لا يخفى عدم صحته، لأن إبلاس المجرمين مصدر مضاف لفاعله، وفاعله هو فاعل الفعل بعينه، فكيف يكون نائب الفاعل؟ فتأمل.
وأنت تعلم أنه متى صحت القراءة لا تسمع دعوى عدم سماع استعمال أبلس متعديا.