وقرأ حمزة، «فارقوا» أي تركوا دينهم الذي أمروا به، أو الذي اقتضته فطرتهم والكسائي وكانوا شيعا [ ص: 42 ] أي فرقا تشايع كل فرقة إمامها الذي مهد لها دينها، وقرره، ووضع أصوله كل حزب بما لديهم من الدين المعوج المؤسس على الرأي الزائغ، والزعم الباطل فرحون مسرورون ظنا منهم أنه حق، والجملة قيل: اعتراض مقرر لمضمون ما قبله من تفريق دينهم، وكونهم شيعا، وقيل: في موضع نصب على أنها صفة ( شيعا ) بتقدير العائد، أي كل حزب منهم، وزعم بعضهم كونها حالا. وجوز أن يكون ( فرحون ) صفة لكل، كقول الشماخ:
وكل خليل غير هاضم نفسه لوصل خليل صارم أو معارز
والخبر هو الظرف المتقدم، أعني قوله تعالى: من الذين فرقوا دينهم فيكون منقطعا عما قبله، وضعف بأنه يوصف المضاف إليه في نحوه، صرح به الشيخ ابن الحاجب في قوله:
وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان
وفي البحر: أن وصف المضاف إليه في نحوه هو الأكثر، وأنشد قوله:
جادت عليه كل عين ترة فتركن كل حديقة كالدرهم
وما قيل: إنه إذا وصف به كل، دل على أن الفرح شامل للكل، وهو أبلغ، ليس بشيء، بل العكس أبلغ لو تؤمل أدنى تأمل.