وكنا إذا الجبار صعر خده أقمنا له من ميله فتقوما
فهو من الصعر بمعنى الصيد، وهو داء يعتري البعير فيلوي منه عنقه، ويستعار للتكبر كالصعر، وقال ابن خويزمنداد: نهي أن يذل نفسه من غير حاجة، فيلوي عنقه، ورجح الأول بأنه أوفق بما بعد، ولام ( للناس ) تعليلية، والمراد: ولا تصعر خدك لأجل الإعراض عن الناس أو صلة. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحمزة، «تصاعر» بألف بعد الصاد. وقرأ والكسائي الجحدري (تصعر) مضارع أصعر، والكل واحد مثل علاه، وعالاه، وأعلاه.
ولا تمش في الأرض التي هي أحط الأماكن منزلة مرحا أي فرحا وبطرا، مصدر وقع موقع الحال للمبالغة، أو لتأويله بالوصف، أو تمرح مرحا على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف، والجملة في موضع الحال، أو لأجل المرح، على أنه مفعول له، وقرئ (مرحا) بكسر الراء على أنه وصف في موضع الحال، إن الله لا يحب كل مختال فخور تعليل للنهي أو موجبه، والمختال من الخيلاء، وهو التبختر في المشي كبرا، وقال التكبر عن تخيل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه، ومنه تؤول لفظ الخيل لما قيل: إنه لا يركب أحد فرسا إلا وجد في نفسه نخوة، والفخور من الفخر، وهو المباهاة في الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال والجاه، ويدخل في ذلك تعداد الشخص ما أعطاه لظهور أنه مباهاة بالمال، وعن الراغب: : تفسير الفخور بمن يعدد ما أعطى، ولا يشكر الله عز وجل، وفي الآية عند مجاهد لف ونشر معكوس حيث قال: المختال مقابل للماشي مرحا، وكذلك الفخور للمصعر خده كبرا، وذلك لرعاية الفواصل على ما قيل، ولا يأبى ذلك كون الوصية لم تكن باللسان العربي، كما لا يخفى. الزمخشري
وجوز أن يكون هناك لف ونشر مرتب فإن الاختيال يناسب الكبر والعجب، وكذا الفخر يناسب المشي مرحا.
والكلام على رفع الإيجاب الكلي، والمراد السلب الكلي، وجوز أن يبقى على ظاهره، وصيغة ( فخور ) للفاصلة، ولأن ما يكره من الفخر كثرته، فإن القليل منه يكثر وقوعه، فلطف الله تعالى بالعفو عنه، وهذا كما لطف بإباحة اختيال المجاهد بين الصفين، وإباحة الفخر بنحو المال لمقصد حسن.