ذلك أي المذكور من التولي والإعراض وهو مبتدأ خبره قوله تعالى: بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات أي حاصل لهم بسبب هذا القول الذي رسخ اعتقادهم له وهونوا به الخطوب ولم يبالوا معه بارتكاب المعاصي والذنوب، والمراد بالأيام المعدودات أيام عبادتهم العجل، وجاء هنا معدودات بصيغة الجمع دون ما في البقرة [80] فإنه معدودة بصيغة المفرد تفننا في التعبير، وذلك لأن جمع التكسير لغير العاقل يجوز أن يعامل معاملة الواحدة المؤنثة تارة ومعاملة جمع الإناث أخرى، فيقال: هذه جبال راسية، وإن شئت قلت: راسيات، وجمال ماشية وإن شئت: ماشيات، وخص الجمع هنا لما فيه من الدلالة على القلة كموصوفه وذلك أليق بمقام التعجيب والتشنيع.
وغرهم في دينهم أي أطمعهم في غير مطمع وخدعهم ما كانوا يفترون [ 24 ] أي افتراؤهم وكذبهم أو الذي كانوا يفترونه من قولهم: لن تمسنا النار الخ، قاله أو من قولهم: مجاهد نحن أبناء الله وأحباؤه قاله أو مما يشمل ذلك ونحوه من قولهم: «إن آباءنا الأنبياء يشفعون لنا وإن الله تعالى وعد قتادة، يعقوب أن لا يعذب أبناءه إلا تحلة القسم» والظرف متعلق بما عنده أو ب (يفترون) واعترضه الخطيب بأن ما بعد الموصول لا يعمل فيما قبله; وأجيب بالتوسع.