وامتن - عز وجل - في معرض الاستدلال على أمر الحشر بجعل الجنات من النخيل والأعناب المراد بها الأشجار، ولم يمتن - سبحانه وتعالى - بجعل ثمرات تلك الأشجار من التمر والعنب، كما امتن - جل جلاله - بإخراج الحب إعظاما للمنة لتضمن ذلك الامتنان بالثمار وغيرها من منافع تلك الأشجار أنفسها بسائر أجزائها للإنسان نفسه بلا واسطة لا سيما النخيل، ولا دلالة في الكلام على حصر ثمرة الجعل بأكل الثمرة، وثمرة التنصيص على ذلك من بين المنافع ظاهرة وهذا بخلاف أشجار الحبوب فإنها ليست بهذه المثابة ولذا غير الأسلوب ولم يعامل ثمر ذلك معاملة الحبوب، وكلام - عليه الرحمة - ظاهر في أن المراد بالأعناب الثمار المعروفة لا الكروم، وعلل ذكر النخيل دون ثمارها - مع أنه الأوفق - بما قبل وما بعد باختصاصها بمزيد النفع وآثار الصنع، وتفسير الأعناب بالثمار دون الكروم بعيد عندي لمكان العطف مع أن الجار والمجرور في موضع الصفة لـ (جنات)، والمعروف كونها من أشجار لا من ثمار. البيضاوي
قال : الجنة كل بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض، وقد تسمى الأشجار الساترة جنة، وعلى ذلك حمل قوله: الراغب
من النواضح تسقي جنة سحقا
على أن في الآية بعد - ما يؤيد إرادة الثمار. فتدبر!وفجرنا فيها أي شققنا في الأرض. وقرأ جناح بن حبيش "فجرنا" بالتخفيف والمعنى واحد بيد أن المشدد دال على المبالغة والتكثير. من العيون أي شيئا من العيون على أن الجار والمجرور في موضع الصفة لمحذوف، ومن بيانية، وجوز كونها تبعيضية وليس بذاك، وقيل: المفعول محذوف و (من العيون) متعلق بـ (فجر) ومن ابتدائية على معنى: فجرنا من المنابع ما ينتفع به من الماء، وذهب إلى زيادة (من) وجعل (العيون) مفعول (فجرنا) لأنه يرى جواز زيادتها في الإثبات مع تعريف مجرورها. الأخفش