وأخرج ابن المنذر وصححه من طريق والحاكم عنه أيضا فلما أدخل يده ليذبحه فلم يحمل المدية حتى [ ص: 131 ] نودي أن يا مجاهد إبراهيم قد صدقت الرؤيا فأمسك يده. وأخرج وغيره من عبد بن حميد : فلما أدخل يده ليذبحه نودي أن يا مجاهد إبراهيم قد صدقت الرؤيا فأمسك يده ورفع رأسه فرأى الكبش ينحط إليه حتى وقع عليه فذبحه، وفي رواية أخرى عنه أخرجها أيضا عبد بن حميد أنه أمر السكين فانقلبت، وإلى عدم الإمرار ذهبت اليهود أيضا لما في توراتهم: مد وابن المنذر إبراهيم يده فأخذ السكين، فقال له ملاك الله من السماء قائلا: يا إبراهيم! يا إبراهيم! قال: لبيك قال: لا تمد يدك إلى الغلام ولا تصنع به شيئا، وذهب إلى الأول طائفة؛ فمنهم من قال: إنه أمرها ولم تقطع مع عدم المانع؛ لأن القطع بخلق الله تعالى فيها، أو عندها عادة، وقد لا يخلق سبحانه، ومنهم من قال: إنه أمرها ولم تقطع لمانع، فقد أخرج سعيد بن منصور عن وابن المنذر عطاء بن يسار أنه - عليه السلام - قام إليه بالشفرة فبرك عليه فجعل الله تعالى ما بين لبته إلى منحره نحاسا لا تؤثر فيه الشفرة .
وأخرج ابن جرير عن وابن أبي حاتم أنه - عليه السلام - جر السكين على حلقه فلم ينحر، وضرب الله تعالى على حلقه صفيحة من نحاس . السدي
وأخرج في تالي التلخيص عن الخطيب فضيل بن عياض قال: أضجعه ووضع الشفرة فقلبها جبريل عليه السلام.
وأخرج بسند فيه الحاكم عن الواقدي أنه نحر في حلقه فإذا هو قد نحر في نحاس فشحذ الشفرة مرتين أو ثلاثا بالحجر، وضعف جميع ذلك. وقيل إنه - عليه السلام - ذبح، لكن كان كلما قطع موضعا من الحلق أوصله الله تعالى، وزعموا ورود ذلك في بعض الأخبار، ولا يكاد يصح، وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى ما يتعلق بهذا المقام من الكلام، وجواب لما محذوف مقدر بعد عطاء صدقت الرؤيا أي كان ما كان مما تنطق به الحال ولا يحيط به المقال من استبشارهما وشكرهما الله تعالى على ما أنعم عليهما من دفع البلاء بعد حلوله والتوفيق لما لم يوفق غيرهما لمثله، وإظهار فضلهما مع إحراز الثواب العظيم إلى غير ذلك، وهو أولى من تقدير "فإذا" ونحوه، وقدره بعض البصريين بعد وتله للجبين أي أجزلنا أجرهما، وعن الخليل تقديره قبل (وتله)، قال في البحر: والتقدير فلما أسلما أسلما وتله، وقال وسيبويه : وهو عندهم كقول ابن عطية امرئ القيس :
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى
أي أجزنا وانتحى، وهو كما ترى، وقال الكوفيون: الجواب مثبت وهو (وناديناه) على زيادة الواو، وقالت فرقة: هو (وتله) على زيادتها أيضا، ولعل الأولى ما تقدم.
وقوله تعالى: إنا كذلك نجزي المحسنين ابتداء كلام غير داخل في النداء، وهو تعليل لإفراج تلك الشدة المفهوم من الجواب المقدر أو من الجواب المذكور؛ أعني نادينا... إلخ، على القول بأنه الجواب أو منه، وإن لم يكن الجواب والعلة في المعنى إحسانهما، وكونه تعليلا لما انطوى عليه الجواب من الشكر ليس بشيء.