حتى إذا ما أضاء الصبح في غلس وغودر البقل ملوي ومحصود
أي منه ملوي، ومنه محصود، أو هذا مبتدأ خبره حميم وجملة: فليذوقوه معترضة، كقولك: زيد فافهم رجل صالح، أو هذا مبتدأ خبره: فليذوقوه على مذهب في إجازته: زيد فاضربه، مستدلا بقوله: الأخفش
وقائلة خولان فانكح فتاتهم
أو هذا في محل نصب بفعل مضمر يفسره فليذوقوه أي ليذوقوا هذا فليذوقوه، ولعلك تختار القول بأن هذا مبتدأ (وحميم) خبره، وما في البين اعتراض، وقد قدمه في الكشاف، والفاء تفسيرية تعقيبية، وتشعر بأن لهم إذاقة بعد إذاقة، وفي (حميم وغساق) على هذين الوجهين الاحتمالان المذكوران أولا، والحميم الماء الشديد الحرارة.
والغساق بالتشديد كما قرأ به ابن أبي إسحاق ، ، وقتادة ، وابن وثاب ، وطلحة ، وحمزة ، والكسائي وحفص، والفضل، وابن سعدان، وهارون، عن ، وبالتخفيف كما قرأ به باقي السبعة اسم لما يجري من صديد أهل النار، كما روي عن أبي عمرو عطاء، وقتادة ، وعن وابن زيد ما يسيل من دموعهم. وأخرج السدي ، عن ابن جرير كعب أنه عين في جهنم تسيل إليها حمة كل ذي حمة من حية، وعقرب، وغيرهما، يغمس فيها الكافر فيتساقط جلده ولحمه، وأخرج ، ابن جرير عن وابن المنذر، أنه الزمهرير، وقيل: هو مشددا، ومخففا وصف من غسق كضرب وسمع بمعنى سال يقال: غسقت العين إذا سال دمعها، فيكون على ما في البحر صفة حذف موصوفها، أي ومذوق غساق، ويراد به سائل من جلود أهل النار مثلا، والوصفية في المشدد أظهر لأن فعالا بالتشديد قليل في الأسماء، ومنه الغياد ذكر البوم، والخطار دهن يتخذ من الزيت، والعقار ما يتداوى به من النبات، ومن الغريب ما قاله الجواليقي والواسطي أن الغساق هو البارد المنتن بلسان الترك، والحق أنه عربي، نعم النتونة وصف له في الواقع، وليست مأخوذة في المفهوم. ابن عباس
فقد أخرج أحمد، ، والترمذي وجماعة، وصححه وابن حبان، ، عن الحاكم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي سعيد "لو أن دلوا من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا".
وقيل: الغساق عذاب لا يعلمه إلا الله - عز وجل - ويبعده هذا الخبر،