والذين آمنوا وعملوا الصالحات قال فيما أخرجه عنه جماعة منهم ابن عباس وصححه هم أهل المدينة الحاكم الأنصار، وفسر رضي الله تعالى عنه الذين كفروا بأهل مكة قريش، وقال : هم ناس من مقاتل قريش، وقيل: مؤمنو أهل الكتاب، وقيل: أعم من المذكورين وغيرهم فإن الموصول من صيغ العموم ولا داعي للتخصيص وآمنوا بما نزل على محمد من القرآن، وخص بالذكر الإيمان بذلك مع اندراجه فيما قبله تنويها بشأنه وتنبيها على سمو مكانه من بين سائر ما يجب الإيمان به وأنه الأصل في الكل ولذلك أكد بقوله تعالى: وهو الحق من ربهم وهو جملة معترضة بين المبتدأ والخبر مفيدة لحصر الحقية فيه على طريقة الحصر في قوله تعالى: ذلك الكتاب وقولك: حاتم الجواد فيراد بالحق ضد الباطل، وجوز أن يكون الحصر على ظاهره والحق الثابت، وحقية ما نزل عليه عليه الصلاة والسلام لكونه ناسخا لا ينسخ [ ص: 38 ] وهذا يقتضي الاعتناء به ومنه جاء التأكيد، وأيا ما كان فقوله تعالى ( من ربهم ) حال من ضمير ( الحق ) وقرأ زيد بن علي (نزل) مبنيا للفاعل. وابن مقسم (أنزل) معدى بالهمزة مبنيا للمفعول، وقرئ (أنزل) بالهمز مبنيا للفاعل (ونزل) بالتخفيف والأعمش كفر عنهم سيئاتهم أي سترها بالإيمان والعمل الصالح، والمراد أزالها ولم يؤاخذهم بها وأصلح بالهم أي حالهم في الدين والدنيا بالتوفيق والتأييد، وتفسير البال بالحال مروي عن وعنه تفسيره بالشأن وهو الحال أيضا أو ما له خطر، وعليه قول قتادة البال الحال التي يكترث بها، ولذلك يقال: ما باليت بكذا بالة أي ما اكترثت به، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: الراغب: الحديث. (كل أمر ذي بال)
ويكون بمعنى الخاطر القلبي ويتجوز به عن القلب كما قال وفي البحر حقيقة البال الفكر والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب ومن صلح قلبه صلحت حاله، فكأن اللفظ مشير إلى صلاح عقيدتهم، وغير ذلك من الحال تابع له، وحكي عن الشهاب. تفسيره هنا بالفكر وكأنه لنحو ما أشير إليه، وهو كما في البحر أيضا مما لا يثنى ولا يجمع وشذ قولهم في جمعه بالات
السفاقسي