nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52كذلك أي الأمر مثل ذلك تقرير وتوكيد على ما مر غير مرة ، ومن فصل الخطاب لأنه لما أراد سبحانه أن يستأنف قصة قولهم المختلف في الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بعد أن تقدمت عموما أو خصوصا في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إنكم لفي قول مختلف [الذاريات : 8] وكان قد توسط ما توسط قال سبحانه : الأمر كذلك أي مثل ما يذكر ويأتيك
[ ص: 19 ] خبره إشارة إلى الكلام الذي يتلوه أعني قوله عز وجل :
nindex.php?page=treesubj&link=30614_31788_32024_29022nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52ما أتى الذين من قبلهم إلى آخره فهو تفسير ما أجمل وهو مراد من قال : الإشارة إلى تكذيبهم الرسول عليه الصلاة والسلام وتسميتهم إياه وحاشاه ساحرا ومجنونا ، ويعلم مما ذكر أن كذلك خبر مبتدأ محذوف ولا يجوز نصبه يأتي على أنه صفة لمصدره ، والإشارة إلى الإتيان أي
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52ما أتى الذين من قبلهم من رسول إتيانا مثل إتيانهم
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52إلا قالوا إلخ لأن ما بعد ما النافية لا يعمل فيما قبلها على المشهور ، ولا يأتي مقدرا على شريطة التفسير لأن ما لا يعلم لا يفسر عاملا في مثل ذلك كما صرح به النحاة ، وجعله معمولا لقالوا ، والإشارة للقول أي إلا قالوا ساحرا أو مجنونا قولا مثل ذلك القول لا يجوز أيضا على تعسفه لمكان ما وضمير قبلهم لقريش أي ما أتى الذين من قبل
قريش nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52من رسول أي رسول من رسل الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52إلا قالوا في حقه
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52ساحر أو مجنون خبر مبتدأ محذوف أي هو ساحر ، وأو - قيل : من الحكاية أي ( إلا قالوا ساحر ) ، أو قالوا ( مجنون ) وهي لمنع الخلو وليست من المحكي ليكون مقول كل مجموع ( ساحر أو مجنون ) وفي البحر هي للتفصيل أي قال بعض : ساحر وقال بعض : مجنون وقال بعض : ساحر ومجنون فجمع القائلون في الضمير ودلت - أو - على التفصيل انتهى فلا تغفل . واستشكلت الآية بأنها تدل على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=31788_31780_31774_32426_19580_10029ما من رسول إلا كذب مع أن الرسل المقررين شريعة من قبلهم
كيوشع عليه السلام لم يكذبوا وكذا
آدم عليه السلام أرسل ولم يكذب . وأجاب
الإمام بقوله : لا نسلم أن المقرر رسول بل هو نبي على دين رسول ومن كذب رسوله فهو يكذبه أيضا وتعقب بأن الأخبار وكذا الآيات دالة على أن المقررين رسل ، وأيضا يبقى الاستشكال
بآدم عليه السلام وقد اعترف هو بأنه أرسل ولم يكذب وأجاب بعض عن الاستشكال بالمقررين بأن الآية إنما تدل على أن الرسل الذين أتوا من قبلهم كلهم قد قيل في حقهم ما قيل ، ولا يدخل في عموم ذلك المقررون لأن المتبادر من إتيان الرسول قوما مجيئه إياهم مع عدم تبليغ غيره إياهم ما أتى به من قبله وذلك لم يحصل للمقرر شرع من قبله كما لا يخفى ، وعن الاستشكال
بآدم عليه السلام بأن المراد - ما أتى الذين من قبلهم من الأمم الذين كانوا موجودين على نحو وجود هؤلاء رسول إلا قالوا - إلخ ،
وآدم عليه السلام لم يأت أمة كذلك إذ لم يكن في حين أرسل إلا زوجته
حواء ، ولعله أولى مما قيل : إن المراد من رسول من بني
آدم فلا يدخل هو عليه السلام في ذلك ، واستشكلت أيضا بأن
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52إلا قالوا يدل على أنهم كلهم كذبوا مع أنه ما من رسول إلا آمن به قوم ، وأجاب
الإمام بأن إسناد القول إلى ضمير الجمع على إرادة الكثير بل الأكثر ، وذكر المكذب فقط لأنه الأوفق بغرض التسلية ، وأخذ منه بعضهم الجواب عن الاستشكال السابق فقال : الحكم باعتبار الغالب لا أن كل أمة من الأمم أتاها رسول فكذبته ليرد
آدم والمقررون حيث لم يكذبوا - وفيه ما فيه - وحمل بعضهم الذين من قبلهم على الكفار ودفع به الاستشكالين - وفيه ما لا يخفى - فتأمل جميع ذلك ولا تظن انحصار الجواب فيما سمعت فامعن النظر والله تعالى الهادي لأحسن المسالك.
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52كَذَلِكَ أَيِ الْأَمْرِ مِثْلَ ذَلِكَ تَقْرِيرٌ وَتَوْكِيدٌ عَلَى مَا مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَمِنْ فَصْلِ الْخِطَابِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ قِصَّةَ قَوْلِهِمُ الْمُخْتَلِفِ فِي الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَتْ عُمُومًا أَوْ خُصُوصًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ [الذَّارِيَاتُ : 8] وَكَانَ قَدْ تُوُسِّطَ مَا تُوُسِّطَ قَالَ سُبْحَانَهُ : الْأَمْرُ كَذَلِكَ أَيْ مِثْلَ مَا يُذْكَرُ وَيَأْتِيكَ
[ ص: 19 ] خَبَرُهُ إِشَارَةً إِلَى الْكَلَامِ الَّذِي يَتْلُوهُ أَعْنِي قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=treesubj&link=30614_31788_32024_29022nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ إِلَى آخِرِهِ فَهُوَ تَفْسِيرُ مَا أَجْمَلَ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ قَالَ : الْإِشَارَةُ إِلَى تَكْذِيبِهِمُ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَتَسْمِيَتِهِمْ إِيَّاهُ وَحَاشَاهُ سَاحِرًا وَمَجْنُونًا ، وَيُعْلَمُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ كَذَلِكَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَلَا يُجَوَّزُ نَصْبُهُ يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرِهِ ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى الْإِتْيَانِ أَيْ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِتْيَانًا مِثْلَ إِتْيَانِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52إِلا قَالُوا إِلَخْ لِأَنَّ مَا بَعْدَ مَا النَّافِيَةِ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَلَا يَأْتِي مُقَدَّرًا عَلَى شَرِيطَةِ التَّفْسِيرِ لِأَنَّ مَا لَا يُعْلَمُ لَا يُفَسَّرُ عَامِلًا فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النُّحَاةُ ، وَجَعَلَهُ مَعْمُولًا لَقَالُوا ، وَالْإِشَارَةُ لِلْقَوْلِ أَيْ إِلَّا قَالُوا سَاحِرًا أَوْ مَجْنُونًا قَوْلًا مِثْلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ لَا يُجَوَّزُ أَيْضًا عَلَى تَعَسُّفِهِ لِمَكَانٍ مَا وَضَمِيرُ قَبْلَهُمْ لِقُرَيْشٍ أَيُّ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلَ
قُرَيْشٍ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52مِنْ رَسُولٍ أَيْ رَسُولٍ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52إِلا قَالُوا فِي حَقِّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ سَاحِرُ ، وَأَوْ - قِيلَ : مِنَ الْحِكَايَةِ أَيْ ( إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ ) ، أَوْ قَالُوا ( مَجْنُونٌ ) وَهِيَ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ وَلَيْسَتْ مِنَ الْمَحْكِيِّ لِيَكُونَ مَقُولُ كُلٍّ مَجْمُوعَ ( سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ) وَفِي الْبَحْرِ هِيَ لِلتَّفْصِيلِ أَيْ قَالَ بَعْضٌ : سَاحِرٌ وَقَالَ بَعْضٌ : مَجْنُونٌ وَقَالَ بَعْضٌ : سَاحِرٌ وَمَجْنُونٌ فَجَمَعَ الْقَائِلُونَ فِي الضَّمِيرِ وَدَلَّتْ - أَوْ - عَلَى التَّفْصِيلِ انْتَهَى فَلَا تَغْفُلُ . وَاسْتُشْكِلَتِ الْآيَةُ بِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=31788_31780_31774_32426_19580_10029مَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كُذِّبَ مَعَ أَنَّ الرُّسُلَ الْمُقَرِّرِينَ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلِهِمْ
كَيُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُكَذَّبُوا وَكَذَا
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُرْسَلَ وَلَمْ يُكَذَّبْ . وَأَجَابَ
الْإِمَامُ بِقَوْلِهِ : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُقَرَّرَ رَسُولٌ بَلْ هُوَ نَبِيٌّ عَلَى دِينِ رَسُولٍ وَمَنْ كَذَّبَ رَسُولَهُ فَهُوَ يُكَذِّبُهُ أَيْضًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَخْبَارَ وَكَذَا الْآيَاتِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُقَرِّرِينَ رُسُلٌ ، وَأَيْضًا يُبْقَى الِاسْتِشْكَالُ
بِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدِ اعْتَرَفَ هُوَ بِأَنَّهُ أُرْسِلَ وَلَمْ يُكَذَّبْ وَأَجَابَ بَعْضٌ عَنِ الِاسْتِشْكَالِ بِالْمُقَرِّرِينَ بِأَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّسُلَ الَّذِينَ أَتَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ كُلَّهُمْ قَدْ قِيلَ فِي حَقِّهِمْ مَا قِيلَ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ ذَلِكَ الْمُقَرِّرُونَ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ إِتْيَانِ الرَّسُولِ قَوْمًا مَجِيئُهُ إِيَّاهُمْ مَعَ عَدَمِ تَبْلِيغِ غَيْرِهِ إِيَّاهُمْ مَا أَتَى بِهِ مَنْ قَبْلَهُ وَذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُقَرِّرِ شَرَعَ مَنْ قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى ، وَعَنِ الِاسْتِشْكَالِ
بِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّ الْمُرَادَ - مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الَّذِينَ كَانُوا مَوْجُودِينَ عَلَى نَحْوِ وُجُودِ هَؤُلَاءِ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا - إِلَخْ ،
وَآدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْتِ أَمَةً كَذَلِكَ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي حِينِ أُرْسِلَ إِلَّا زَوْجَتَهُ
حَوَّاءَ ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى مِمَّا قِيلَ : إِنَّ الْمُرَادَ مِنْ رَسُولٍ مِنْ بَنِي
آدَمَ فَلَا يَدْخُلُ هُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ ، وَاسْتُشْكِلَتْ أَيْضًا بِأَنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52إِلا قَالُوا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ كُذِّبُوا مَعَ أَنَّهُ مَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا آمَنَ بِهِ قَوْمٌ ، وَأَجَابَ
الْإِمَامُ بِأَنَّ إِسْنَادَ الْقَوْلِ إِلَى ضَمِيرِ الْجَمْعِ عَلَى إِرَادَةِ الْكَثِيرِ بَلِ الْأَكْثَرِ ، وَذُكِرَ الْمُكَذِّبُ فَقَطْ لِأَنَّهُ الْأَوْفَقُ بِغَرَضِ التَّسْلِيَةِ ، وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضُهُمُ الْجَوَابَ عَنِ الِاسْتِشْكَالِ السَّابِقِ فَقَالَ : الْحُكْمُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ لَا أَنْ كَلَّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ أَتَاهَا رَسُولٌ فَكَذَّبَتْهُ لِيُرَدُّ
آدَمُ وَالْمُقَرِّرُونَ حَيْثُ لَمَّ يُكَذَّبُوا - وَفِيهِ مَا فِيهِ - وَحَمَلَ بَعْضُهُمُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ عَلَى الْكَفَّارِ وَدَفَعَ بِهِ الِّاسْتِشْكَالَيْنِ - وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى - فَتَأَمَّلْ جَمِيعَ ذَلِكَ وَلَا تَظُنُّ انْحِصَارَ الْجَوَابِ فِيمَا سَمِعَتْ فَامْعِنِ النَّظَرَ وَاللَّهُ تَعَالَى الْهَادِيُ لِأَحْسَنِ الْمَسَالِكِ.