هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش بيان بعض أحكام ملكهما وقد مر تفسيره مرارا يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها مر بيانه في سورة سبأ وهو معكم أين ما كنتم تمثيل لإحاطة علمه تعالى بهم وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما كانوا ، وقيل : المعية مجاز مرسل عن العلم بعلاقة السببية والقرينة السباق واللحاق مع استحالة الحقيقة ، وقد أول السلف هذه الآية بذلك ، أخرج في الأسماء والصفات عن البيهقي أنه قال فيها : عالم بكم أينما كنتم . ابن عباس
وأخرج أيضا عن أنه سئل عنها فقال : علمه معكم ، وفي البحر أنه اجتمعت الأمة على هذا التأويل فيها وأنها لا تحمل على ظاهرها من المعية بالذات وهي حجة على منع التأويل في غيرها مما يجري مجراها في استحالة الحمل على الظاهر ، وقد تأول هذه الآية وتأول الحجر الأسود يمين الله في الأرض ، ولو اتسع عقله لتأول غير ذلك مما هو في معناه انتهى . سفيان الثوري
وأنت تعلم أن الأسلم ترك التأويل فإنه قول على الله تعالى من غير علم ولا نؤول إلا ما أوله السلف ونتبعهم فيما كانوا عليه فإن أولوا أولنا وإن فوضوا فوضنا ولا نأخذ تأويلهم لشيء سلما لتأويل غيره ، وقد رأيت بعض الزنادقة الخارجين من ربقة الإسلام يضحكون من هذه الآية مع قوله تعالى : ثم استوى على العرش ويسخرون من القرآن الكريم لذلك وهو جهل فظيع وكفر شنيع نسأل الله تعالى العصمة والتوفيق . والله بما تعملون بصير عبارة عن إحاطته بأعمالهم وتأخير صفة العلم الذي هو من صفات الذات عن الخلق الذي هو من صفات الأفعال مع أن صفات الذات متقدمة على صفات الأفعال لما أن المراد الإشارة إلى ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم ، وقيل : إن الخلق دليل العلم إذ يستدل بخلقه تعالى وإيجاده سبحانه لمصنوعاته المتقنة على أنه عز وجل عالم ومن شأن المدلول التأخر عن الدليل لتوقفه عليه ،