وقال : الزلفة المنزلة والحظوة وما في الآية قيل معناه زلفة المؤمنين، وقيل زلفة لهم . واستعمل الزلفة في منزلة العذاب كما استعملت البشارة ونحوها من الألفاظ انتهى . ولا زلفة في كلا القولين الراغب سيئت وجوه الذين كفروا سامتها رؤيته بأن غشيتها بسبها الكآبة ورهقها القتر والذلة ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بالكفر وتعليل الساءة به وأشم أبو جعفر والحسن وأبو رجاء وشيبة وابن وثاب وطلحة وابن عامر ونافع كسر سين «سيئت» الضم ( وقيل ) توبيخا لهم وتشديد العذاب بهم والكسائي هذا الذي كنتم به تدعون أي تطلبونه في الدنيا وتستعجلونه إنكارا واستهزاء على أنه تفتعلون من الدعاء والباء صلة الفعل وقيل هو من الدعوى أي تدعون أن لا بعث ولا حشر فالباء سببية أو للملابسة باعتبار الذكر .
وأيد التفسير الأول بقراءة أبي رجاء والضحاك والحسن وقتادة وابن يسار وعبد الله بن مسلم وسلام «تدعون» بسكون الدال وهي قراءة ويعقوب ابن أبي عبلة وأبي زيد وعصمة عن أبي بكر عن والأصمعي وذكر نافع في سورة المعارج أن يدعون مخففا من قولهم دعا بكذا إذا استدعاه وعن الزمخشري أنه من دعوت أدعو والمعنى هذا الذي كنتم به تستعجلون وتدعون الله تعالى بتعجيله يعني قولهم الفراء إن كان هذا هو الحق من عندك [الأنفال: 32] إلخ وروي عن أن الموعود عذاب يوم مجاهد بدر وهو بعيد وأما ما قيل من أن الموعود الخسف والحاصب وقد وقعا لأن المراد بالخسف الذل كما في قوله:
ولا يقيم على خسف يراد به إلا الأذلان عير الحي والوتد
وبالحاصب الحصى وقد رمى صلى الله عليه وسلم به في وجوههم كما في الخبر المشهور، أو لم يقعا بناء على ما عرف أولا من المراد بهما ولا يضر ذلك إذ تخلف الوعيد لا ضير فيه فليس بشيء كما لا يخفى وكان كفار مكة يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين بالهلاك فقال سبحانه له عليه الصلاة والسلام .