وقال معمر : الفاحش اللئيم، وقيل: هو الذي يعتل الناس أي يجرهم إلى حبس أو عذاب بعنف وغلظة، ويقال عتنه بالنون كما يقال عتله باللام كما قال وقتادة ابن السكيت وقرأ ( عتل) بالرفع على الذم الحسن بعد ذلك أي المذكور من مثالبه وقبائحه ( وبعد ) هنا كثم الدالة على التفاوت الرتبي فتدل على أن ما بعد أعظم في القباحة وفي الكشف أشعر كلام أنه متعلق بعتل فلزم تباينه من الصفات السابقة وتباين ما بعده أيضا لأنه في سلكه الزمخشري زنيم دعي ملحق بقوم ليس منهم كما قال ، والمراد به ولد الزنا كما جاء بهذا اللفظ عنه رضي الله تعالى عنه وأنشد ابن عباس الحسان :
زنيم تداعته الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع
وكذا جاء عن وأنشد: عكرمة
زنيم ليس يعرف من أبوه ( بغي ) الأم ذو حسب لئيم
فهو محمول على الغالب فإنه في الغالب لخباثة نطفته يكون خبيثا لا خير فيه أصلا فلا يعمل عملا يدخل به الجنة . وقال بعض الأجلة: هذا خارج مخرج التهديد والتعريض بالزاني، وحمل على أنه لا يدخل الجنة مع السابقين
لحديث عن الدارمي مرفوعا: عبد الله بن عمر . «لا يدخل الجنة عاق ولا ولد زنية ولا منان ولا مدمن خمر»
فإنه سلك في قرن العاق والمنان ومدمن الخمر ولا ارتياب أنهم عند أهل السنة ليسوا من زمرة من لا يدخل الجنة أبدا . وقيل المراد أنه لا يدخل الجنة بعمل أبويه إذا مات صغيرا بل يدخلها بمحض فضل الله تعالى [ ص: 28 ] ورحمته سبحانه كأطفال الكفار عند الجمهور .
وروى عن ابن جبير أن الزنيم هو الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بالزنمة . وفي رواية ابن عباس عنه هو الرجل يمر على القوم فيقولون رجل سوء والمال واحد وعنه أيضا أنه المعروف بالأبنة ولا يخفى أن المأبون معدن الشرور بل من لم يصل في ذلك الأمر الشنيع إلى تلك المرتبة كذلك في الأغلب ولا حاجة إلى كثرة الاستشهاد في هذا الباب . وفي قول الشاعر الاكتفاء وهو: ابن أبي حاتم
ولكم بذلت لك المودة ناصحا فغدرت تسلك في الطريق الأعوج
ولكم رجوتك للجميل وفعله يوما فناداني النهي لا ترتج
وأخرج ابن جرير عنه أنه قال: وابن مردويه نزل على ( النبي صلى ) الله عليه وسلم ولا تطع كل حلاف إلخ فلم يعرف حتى نزل عليه الصلاة والسلام بعد ذلك زنيم فعرفناه له زنمة في عنقه كزنمة الشاة ، واستشكل هذا بأن الزنيم عليه ليس صفة ذم فضلا عن كونه أعظم فيه من الصفات التي قبل ذلك على ما يفيده بعد ذلك، ولا يكاد يحسن تعليل النهي به على أن من المعلوم أن ليس المراد بالموصوف بهذه الصفات شخصا بعينه لمكان كل ويحمل ما جاء في الروايات من أنه الوليد بن المغيرة المخزومي وكان دعيا في قريش ليس من سنخهم ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده، أو الحكم طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الأخنس بن سريق وكان أصله من ثقيف وعداده في زهرة أو الأسود بن عبد يغوث ، أو أبو جهل على بيان سبب النزول وقيل في ذلك أن المراد ذمه بقبح الخلق بعد ذمه بما تقدم وهو كما ترى فتأمل فلعلك تظفر بما يريح البال ويزيح الإشكال .