nindex.php?page=treesubj&link=30550_30614_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=196لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد الخطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، والمراد منه أمته ، وكثيرا ما يخاطب سيد القوم بشيء ويراد أتباعه فيقوم خطابه مقام خطابهم ، ويحتمل أن يكون عاما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيره بطريق التغليب تطييبا لقلوب المخاطبين ، وقيل : إنه خطاب له عليه الصلاة والسلام على أن المراد تثبيته صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=8فلا تطع المكذبين وضعف بأنه عليه الصلاة والسلام لا يكون منه تزلزل حتى يؤمر بالثبات - وفيه نظر لا يخفى - والنهي في المعنى للمخاطب أي لا تغتر بما عليه الكفرة من التبسط في المكاسب والمتاجر والمزارع ووفور الحظ ، وإنما جعل النهي ظاهرا للتقلب تنزيلا للسبب منزلة المسبب ، فإن تغرير التقلب للمخاطب سبب واغتراره به مسبب ، فمنع السبب بورود النهي عليه ليمتنع المسبب الذي هو اغترار المخاطب بذلك السبب على طريق برهاني وهو أبلغ من ورود النهي على المسبب من أول الأمر قالوا : وهذا على عكس قول القائل : لا أرينك هنا فإن فيه النهي عن المسبب وهو الرؤية ليمتنع السبب وهو حضور المخاطب .
وأورد عليه أن الغارية والمغرورية متضايفان ، وقد صرحوا بأن القطع والانقطاع ونحو ذلك مثلا متضايفان ، وحقق أن المتضايفين لا يصح أن يكون أحدهما سببا للآخر بل هما معا في درجة واحدة ، فالأولى أن يقال : علق النهي بكون التقلب غارا ليفيد نهي المخاطب عن الاغترار لأن نفي أحد المتضايفين يستلزم نفي الآخر ، ولا يخفى أن هذا مبني على ما لم يقع الإجماع عليه ، ولعل النظر الصائب يقضي بخلافه ، وفسر الموصول بالمشركين
[ ص: 172 ] من أهل
مكة ، فقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي أنهم كانوا في رخاء ولين من العيش وكانوا يتجرون ويتنعمون فقال بعض المؤمنين : إن أعداء الله تعالى فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد فنزلت الآية ، وبعض فسره باليهود ، وحكى أنهم كانوا يضربون في الأرض ويصيبون الأموال والمؤمنون في عناء فنزلت ، وإلى ذلك ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء ، والقول الأول أظهر ، وأيا ما كان فالجملة مسوقة لتسلية المؤمنين وتصبيرهم ببيان قبح ما أوتي الكفرة من حظوظ الدنيا إثر بيان حسن ما سينالونه من الثواب الجزيل والنعيم المقيم ، وقرأ
يعقوب برواية
رويس وزيد (ولا يغرنك) بالنون الخفيفة .
nindex.php?page=treesubj&link=30550_30614_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=196لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ أُمَّتُهُ ، وَكَثِيرًا مَا يُخَاطَبُ سَيِّدُ الْقَوْمِ بِشَيْءٍ وَيُرَادُ أَتْبَاعُهُ فَيَقُومُ خِطَابُهُ مَقَامَ خِطَابِهِمْ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ الْمُخَاطَبِينَ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ خِطَابٌ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَثْبِيتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=8فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَضُعِّفَ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَكُونُ مِنْهُ تَزَلْزُلٌ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالثَّبَاتِ - وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى - وَالنَّهْيُ فِي الْمَعْنَى لِلْمُخَاطَبِ أَيْ لَا تَغْتَرَّ بِمَا عَلَيْهِ الْكَفَرَةُ مِنَ التَّبَسُّطِ فِي الْمَكَاسِبِ وَالْمَتَاجِرِ وَالْمَزَارِعِ وَوُفُورِ الْحَظِّ ، وَإِنَّمَا جُعِلَ النَّهْيُ ظَاهِرًا لِلتَّقَلُّبِ تَنْزِيلًا لِلسَّبَبِ مَنْزِلَةَ الْمُسَبَّبِ ، فَإِنَّ تَغْرِيرَ التَّقَلُّبِ لِلْمُخَاطَبِ سَبَبٌ وَاغْتِرَارَهُ بِهِ مُسَبَّبٌ ، فَمَنَعَ السَّبَبَ بِوُرُودِ النَّهْيِ عَلَيْهِ لِيَمْتَنِعَ الْمُسَبَّبَ الَّذِي هُوَ اغْتِرَارُ الْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ السَّبَبِ عَلَى طَرِيقٍ بُرْهَانِيٍّ وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ وُرُودِ النَّهْيِ عَلَى الْمُسَبَّبِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ قَالُوا : وَهَذَا عَلَى عَكْسِ قَوْلِ الْقَائِلِ : لَا أَرَيَنَّكَ هُنَا فَإِنَّ فِيهِ النَّهْيَ عَنِ الْمُسَبَّبِ وَهُوَ الرُّؤْيَةُ لِيَمْتَنِعَ السَّبَبُ وَهُوَ حُضُورُ الْمُخَاطَبِ .
وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَارِّيَّةَ وَالْمَغْرُورِيَّةَ مُتَضَايِفَانِ ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَطْعَ وَالِانْقِطَاعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مَثَلًا مُتَضَايِفَانِ ، وَحُقِّقَ أَنَّ الْمُتَضَايِفَيْنِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا سَبَبًا لِلْآخَرِ بَلْ هُمَا مَعًا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : عُلِّقَ النَّهْيُ بِكَوْنِ التَّقَلُّبِ غَارًّا لِيُفِيدَ نَهْيَ الْمُخَاطَبِ عَنِ الِاغْتِرَارِ لِأَنَّ نَفْيَ أَحَدِ الْمُتَضَايِفَيْنِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْآخَرِ ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا لَمْ يَقَعِ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ ، وَلَعَلَّ النَّظَرَ الصَّائِبَ يَقْضِي بِخِلَافِهِ ، وَفُسِّرَ الْمَوْصُولُ بِالْمُشْرِكِينَ
[ ص: 172 ] مِنْ أَهْلِ
مَكَّةَ ، فَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15466الْوَاحِدِيُّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي رَخَاءٍ وَلِينٍ مِنَ الْعَيْشِ وَكَانُوا يَتَّجِرُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ : إِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا نَرَى مِنَ الْخَيْرِ وَقَدْ هَلَكْنَا مِنَ الْجُوعِ وَالْجُهْدِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ ، وَبَعْضٌ فَسَرَّهُ بِالْيَهُودِ ، وَحَكَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ وَيُصِيبُونَ الْأَمْوَالَ وَالْمُؤْمِنُونَ فِي عَنَاءٍ فَنَزَلَتْ ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْجُمْلَةُ مَسُوقَةٌ لِتَسْلِيَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَصْبِيرِهِمْ بِبَيَانِ قُبْحِ مَا أُوتِيَ الْكَفَرَةُ مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا إِثْرَ بَيَانِ حُسْنِ مَا سَيَنَالُونَهُ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ ، وَقَرَأَ
يَعْقُوبُ بِرِوَايَةِ
رُوَيْسٍ وَزَيْدٍ (وَلَا يَغَرُنَّكَ) بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ .