وقيل سود والتعبير بصفر لأن سواد الإبل يضرب إلى الصفرة شبه الشرر حين ينفصل من النار في عظمه بالقصر وحين يأخذ في الارتفاع والانبساط لانشقاقه عن أعداد غير محصورة بالجمال لتصور الانشقاق والكثرة والصفرة والحركة المخصوصة . وقد روعي الترتيب في التشبيه رعاية لترتيب الوجود وأفيد أن القصور والجمال يشبه بعضها ببعض ومنه قوله:
فوقفت فيها ناقتي وكأنها فدن لأقضي حاجة المتلوم
فالتشبيه الثاني بيان للتشبيه الأول على معنى أن التشبيه بالقصر كان المتبادر منه إلى الفهم العظم فحسب فلما قيل كأنه جمالت صفر وهو قائم مقام التخصيص في القصر تكثر وجه الشبه كأنه قيل كأنه قصر من شأنه كذا وكذا، والتشبيه بالجمال في الكثرة والتتابع وسرعة الحركة أيضا والأول هو التحقيق على ما في الكشف وعلى الوجهين ليس التشبيه الثاني من البداء في شيء ولا حاجة في شيء منهما إلى اعتبار كون ضمير كأنه للقصر وقد ألم بشيء من حسن ما وقع في الآية من التشبيه وأبو العلاء المعري في قوله في مرثية واحد من الأشراف :
الموقدي نار القرى الآصال والإسحار بالإهضام والإشعاف
حمراء ساطعة الذوائب في الدجى ترمي بكل شرارة كطراف
وإن كان قد قصد بذلك المعارضة للآية يكون قد أعمى الله تعالى بصيرته عما فيها من المزية كما أعمى سبحانه بصره . وقرأ الجمهور ومنهم رضي الله تعالى عنه «جمالات» بكسر الجيم وبالألف والتاء جمع جمال أو جمالة بكسر الجيم فيهما فيكون جمع الجمع أو جمع اسم الجمع والمعنى عمر بن الخطاب
على ما سمعت . وقرأ ابن عباس وقتادة وابن جبير والحسن بخلاف عنهم كذلك إلا أنهم ضموا الجيم على أنه جمع جمالة على ما في الكشاف وقال في البحر هي حبال السفن [ ص: 177 ] الواحد منها جملة لكونه جملة من الطاقات ثم جمع على جمل وجمال ثم جمع جمال ثانيا جمع صحة فقالوا جمالات . وقيل هي قلوس الجسور أي حبالها التي تشد بها وروي ذلك عن وأبو رجاء ابن عباس قالا إنها إذا اجتمعت مستديرة بعضها إلى بعض جاء منها أجرام عظام . وابن جبير
وعن أيضا هي قطع النحاس الكبار والظاهر أن التشبيه على هذا باعتبار اللون وعلى ما سبق باعتبار الامتداد والالتفاف وقرأ ابن عباس أيضا ابن عباس والسلمي والأعمش وأبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة ورويس «جمالة» كقراءة حفص ومن معه إلا أنهم ضموا الجيم وهي عند اسم مفرد بمعنى القلس وجمع الزمخشري صفر لإرادة الجنس وقرأ «صفر» بضم الفاء . الحسن