ويل يومئذ للمكذبين فبأي حديث بعده أي بعد القرآن الناطق بأحاديث الدارين وأخبار النشأتين على نمط بديع معجز مؤسس على حجج قاطعة وبراهين ساطعة يؤمنون إذ لم يؤمنوا به والتعبير ببعده دون غيره للتنبيه على أنه لا حديث يساويه في الفضل أو يدانيه فضلا أو يفوته ويعاليه فلا حديث أحق بالإيمان [ ص: 179 ] منه فالبعدية للتفاوت في الرتبة كما قالوا في عتل بعد ذلك زنيم [القلم: 13] وكان الفاء لما أن المعنى إذا كان الأمر كذلك وقد اشتمل القرآن على البيان الشافي والحق الواضح فما بالهم لا يبادرون الإيمان به قبل الفوت وحلول الويل وعدم الانتفاع بعسى ولعل وليت . وقرأ يعقوب في رواية «تؤمنون» على الخطاب هذا ولما أوجز في سورة الإنسان في ذكر أحوال الكفار في الآخرة وأطنب في وصف أحوال المؤمنين فيها عكس الأمر في هذه السورة فوقع الاعتدال بذلك بين هذه السورتين والله تعالى أعلم . وابن عامر
تم والحمد لله تعالى الجزء التاسع والعشرون ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الثلاثين وأوله (سورة النبأ)