وجوز أن يكون نصبا ب «جزاء» نصب المفعول به. وتعقبه بأن ( جزاء ) مصدر مؤكد لمضمون الجملة، والمصدر المؤكد لا يعمل بلا خلاف لعلمه عند النحاة لأنه لا ينحل لفعل وحرف مصدري، ورد بأن ذلك إذا كان الناصب للمفعول المطلق مذكورا، أما [ ص: 19 ] إذا حذف مطلقا ففيه خلاف؛ هل هو العالم أو الفعل. وقال أبو حيان الشهاب:
الحق ما قال لأن المذكور هنا هو المصدر المؤكد لنفسه أو لغيره والذي اختلف فيه النحاة هو المصدر الآتي بدلا من اللفظ بفعله: أبو حيان؛
ك ندلا زريق المال ندل الثعالب وقوله:
يا قابل التوب غفرانا مآثم قد أسلفتها أنا منها خائف وجل
فليعرف. وقوله تعالى: حسابا صفة «عطاء» بمعنى كافيا على أنه مصدر أقيم مقام الوصف، أو بولغ فيه أو هو على تقدير مضاف؛ وهو مأخوذ من قولهم: أحسبه الشيء إذا كفاه حتى قال: حسبي، وقيل: على حسب أعمالهم أي مقسطا على قدرها، وروي ذلك عن وكأن المراد مقسطا بعد التضعيف على ذلك فيندفع ما قيل إنه غير مناسب لتضعيف الحسنات، ولذا لم يقل: «وفاقا» كما في السابق، ودفع أيضا بأن هذا بيان لما هو الأصل لا للجزاء مطلقا وقيل: المعنى عطاء مفروغا عن حسابه لا كنعم الدنيا، وتعقب بأنه بعيد عن اللفظ مع ما فيه من الإيهام، وقرأ مجاهد ابن قطيب: «حسابا» بفتح الحاء وشد السين، قال بنى فعالا من أفعل كدراك من أدرك، فمعناه محسبا؛ أي كافيا. ومنع بعضهم مجيء فعالا من الأفعال ودراك من درك فليحرر، وقرأ ابن جني: شريح بن يزيد الحمصي، وأبو البرهسم بكسر الحاء وشد السين على أنه مصدر ككذاب، وقرأ «حسنا» بالنون من الحسن، وحكى ابن عباس: المهدوي: «حسبا» بفتح الحاء وسكون السين والباء الموحدة نحو قولك: حسبك كذا؛ أي كافيك.