أحارث إنا لو تساط دماؤنا تزايلن حتى لا يمس دم دما
وشاع في الجلد المضفور والذي يضرب به، وسمي به لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعض، أو لأنه يخلط اللحم بالدم والتعبير عن إنزاله بالصب للإيذان بكثرته وتتابعه واستمراره فإنه عبارة عن إراقة شيء مائع أو جار مجراه في السيلان كالحبوب والرمل وإفراغه بشدة وكثرة واستمرار، ونسبته إلى السوط مع أنه على ما سمعت ليس من هذا القبيل باعتبار تشبيهه في سرعة نزوله بالشيء المصبوب، وتسمية ما أنزل سوطا قيل: للإيذان بأنه على عظمه بالنسبة إلى ما أعد لهم في الآخرة كالسوط بالنسبة إلى سائر ما يعذب به، في الكشف أن إضافة السوط إلى العذاب تقليل لما أصابهم منه، ولا يأبى ذلك التعبير بالصب المؤذن بالكثرة؛ لأن القلة والكثرة من الأمور النسبية. وجوز أن يراد بالعذاب التعذيب، والإضافة حينئذ على معنى اللام، وأمر التعبير بالصب والتسمية بالسوط على ما تقدم. والآية من قبيل قوله تعالى: فأذاقها الله لباس الجوع وجوز أن تكون الإضافة كالإضافة في لجين الماء؛ أي: فصب عليهم ربك عذابا كالسوط على معنى أنواعا من العذاب مخلوطا بعضها ببعض اختلاط طاقات السوط بعضها ببعض، وأن يكون السوط مصدرا بمعنى المفعول والإضافة كالإضافة في: جرد قطيفة؛ أي: فصب عليهم ربك عذابا مسوطا؛ أي: مخلوطا، ومآله: فصب أنواعا من العذاب خلط بعضها ببعض. وفي الصحاح: سوط عذاب أي: نصيب عذاب، ويقال: شدته؛ لأن العذاب قد يكون بالسوط، وأراد أن الغرض التصوير والأليق بجزالة التنزيل ما تقدم.