سورة الليل
لا خلاف في أنها إحدى وعشرون آية، واختلف في مكيتها ومدنيتها؛ فالجمهور على أنها مكية، وقال علي بن أبي طلحة: مدنية، وقيل: بعضها مكي وبعضها مدني. وكذا اختلف في سبب نزولها؛ فالجمهور على أنها نزلت في شأن رضي الله تعالى عنه، وروي ذلك بأسانيد صحيحة عن أبي بكر الصديق ابن مسعود وغيرهما. وابن عباس
وقال إنها نزلت في السدي: أبي الدحداح الأنصاري وذلك أبو الدحداح بحائطها فقال للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم: «أهبها لهم بالنخلة التي في الجنة». فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: «افعل» فوهبها فنزلت وروى نحوه مطولا مبهما فيه أنه كان في دار منافق نخلة يقع منها في دار يتامى في جواره بعض بلح فيأخذه منهم، فقال له صلى الله تعالى عليه وسلم: «دعها لهم ولك بدلها محل في الجنة». فأبى فاشتراها أبو الدحداح بن أبي حاتم عن بسند ضعيف كما نص عليه ابن عباس الحافظ السيوطي.
وذكر بعضهم أن قوله تعالى فيها: وسيجنبها الأتقى إلخ نزل في رضي الله تعالى عنه وسكت عما عداه. ونقل عن بعض المفسرين أن هذا مجمع عليه وإن زعم بعض أبي بكر الصديق الشيعة أنه نزل في الأمير كرم الله تعالى وجهه وسيأتي إن شاء الله تعالى شرح ما له نزل. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها قد أفلح إلخ ذكر سبحانه فيها من الأوصاف ما يحصل به الفلاح وما يحصل به الخيبة؛ ففيها نوع تفصيل لذلك، لا سيما وقد عقب جل وعلا ذلك بشيء من أنواع الفلاح وأنواع الخيبة والعياذ بالله تعالى. فقال عز من قائل: بسم الله الرحمن الرحيم . والليل إذا يغشى أي: حين يغشى الشمس كقوله تعالى: والليل إذا يغشاها أو النهار كقوله تعالى: ( يغشي الليل النهار ) أو كل ما يواريه في الجملة بظلامه والمقسم به في الأوجه الثلاث الليل كله.
والنهار إذا تجلى ظهر بزوال ظلمة الليل أو تبين وانكشف بطلوع الشمس، والأول على تقدير كون المغشي النهار أو كل ما يوارى إذ مآلهما اعتبار وجود الظلام. والثاني على تقدير كونه الشمس؛ إذ مآله اعتبار غروبها فيحسن التقابل بين القرينتين على ذلك، واختلاف الفعلين مضيا واستقبالا قد تقدم الكلام فيه. وقرأ عبد الله بن عبيد بن عمير: «تتجلى» بتاءين على أن الضمير للشمس، وقرئ: «تجلى» بضم التاء وسكون الجيم على أن الضمير لها أيضا.