الذي يوسوس في صدور الناس قيل: أريد قلوبهم مجازا. وقال بعضهم: إن الشيطان يدخل الصدر الذي هو بمنزلة الدهليز فيلقي منه ما يريد إلقاءه إلى القلب ويوصله إليه ولا مانع عقلا من دخوله في جوف الإنسان، وقد ورد السمع به كما سمعت فوجب قبوله والإيمان به، ومن ذلك: آدم مجرى الدم». «إن الشيطان ليجري من ابن
ومن الناس من حمله على التمثيل وقال في الآية: إنها لا تقتضي الدخول كما ينادي عليه البيان الآتي. وقال ابن سينا: الوسواس القوة التي توقع الوسوسة وهي القوة المتخيلة بحسب صيرورتها مستعملة للنفس الحيوانية، ثم إن حركتها تكون بالعكس، فإن النفس وجهتها إلى المبادئ المفارقة فالقوة المتخيلة إذا أخذتها إلا الاشتغال بالمادة وعلائقها فتلك القوة تخنس؛ أي تتحرك بالعكس وتجذب النفس الإنسانية إلى العكس؛ فلذلك تسمى خناسا، ونحوه ما قيل؛ إنه القوة الوهمية فهي تساعد العقل في المقدمات فإذا آل الأمر إلى النتيجة خنست وأخذت توسوسه وتشككه، ولا يخفى أن تفسير كلام الله تعالى بأمثال ذلك من شر الوسواس الخناس. والقاضي ذكر الأخير عن سبيل التنظير لا على وجه التمثيل والتفسير بناء على حسن الظن به. ومحل الموصول إما الجر على الوصف وإما الرفع والنصب على الذم والشتم، ويحسن أن يقف القارئ على أحد هذين الوجهين على الخناس وأما على الأول ففي الكواشي أنه لا يجوز الوقف، وتعقبه الطيبي بأن في عدم الجواز نظر للفاصلة، وفي الكشف أنه إذا كان صفة فالحسن غير مسلم، اللهم إلا على وجه؛ وهو أن الوقف الحسن شامل لمثله في فاصلة خاصة.