وإن منكم لمن ليبطئن أي: ليتثاقلن وليتأخرن عن الجهاد، من (بطأ) بمعنى أبطأ، كعتم بمعنى أعتم، إذا أبطأ، والخطاب لعسكر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - مؤمنيهم ومنافقيهم، والمبطئون هم المنافقون منهم، وجوز أن يكون منقولا لفظا ومعنى من بطؤ نحو ثقل من ثقل، فيراد ليبطئن غيره وليثبطنه عن الجهاد، كما ثبط ابن أبي ناسا يوم أحد، والأنسب بما بعده، واللام الأولى لام التأكيد التي تدخل على خبر إن أو اسمها إذا تأخر، والثانية جواب قسم، وقيل: زائدة، وجملة القسم وجوابه صلة الموصول، وهما كشيء واحد، فلا يرد أنه رابطة في جملة القسم، كما لا يرد أنها إنشائية فتقع صلة؛ لأن المقصود الجواب وهو خبري فيه عائد، ويحتاج إلى تقدير (أقسم) على صيغة الماضي ليعود ضميره إلى المبطئ، بل هو خلاف الظاهر.
وجوز في (من) أن تكون موصوفة، والكلام في الصفة كالكلام في الصلة، وهذه الجملة قيل: عطف على خذوا حذركم عطف القصة على القصة، وقيل: إنها معترضة إلى قوله سبحانه: فليقاتل وهو عطف على خذوا)، وقرئ (ليبطئن) بالتخفيف.
فإن أصابتكم مصيبة من العدو كقتل وهزيمة قال أي المبطئ فرحا بما فعل وحامدا لرأيه قد أنعم الله علي بالقعود إذ لم أكن معهم شهيدا حاضرا معهم في المعركة، فيصيبني مثل الذي أصابهم من البلاء والشدة، وقيل: يحتمل أن يكون المعنى: إذ لم أكن مع شهدائهم شهيدا، أو لم أكن معهم في معرض الشهادة، فالإنعام هو النجاة عن القتل وخوفه، عبر عنه بالشهادة تهكما، ولا يخفى بعده.
والفاء في الشرطية لترتيب مضمونها على ما قبلها، فإن ذكر التبطئة مستتبع لذكر ما يترتب عليها، كما أن نفس التبطئة مستدعية لشيء ينتظر المبطئ وقوعه