لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم شروع في تفصيل قبائح النصارى وإبطال أقوالهم الفاسدة بعد تفصيل قبائح اليهود ، وقائل ذلك طائفة منهم - كما روي عن - وقد أشبعنا الكلام على تفصيل أقوالهم وطوائفهم فيما تقدم، فتذكر. مجاهد
وقال المسيح حال من فاعل ( قالوا ) بتقدير ( قد ) مفيدة لمزيد تقبيح حالهم ببيان تكذيبهم للمسيح، وعدم انزجارهم عما أصروا عليه بما أوعدهم به، أي: قالوا ذلك، وقد قال المسيح - عليه السلام - مخاطبا لهم يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم فإني مربوب مثلكم، فاعبدوا خالقي وخالقكم إنه أي الشأن من يشرك بالله أي: شيئا في عبادته سبحانه، أو فيما يختص به من الصفات والأفعال، كنسبة علم الغيب وإحياء الموتى بالذات إلى عيسى - عليه السلام - فقد حرم الله عليه الجنة لأنها دار الموحدين، والمراد يمنع من دخولها، كما يمنع المحرم عليه من المحرم، فالتحريم مجاز مرسل، أو استعارة تبعية للمنع؛ إذ لا تكليف ثمة، وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار لتهويل الأمر وتربية المهابة.
ومأواه النار فإنها المعدة للمشركين، وهذا بيان لابتلائهم بالعقاب إثر بيان حرمانهم الثواب، ولا يخفى ما في هذه الجملة من الإشارة إلى قوة المقتضي لإدخاله النار.
وما للظالمين من أنصار أي ما لهم من أحد ينصرهم بإنقاذهم من النار، وإدخالهم الجنة، إما بطريق المغالبة أو بطريق الشفاعة، والجمع لمراعاة المقابلة بالظالمين.
وقيل: ليعلم نفي الناصر من باب أولى؛ لأنه إذا لم ينصرهم الجم الغفير فكيف ينصرهم الواحد منهم؟! وقيل: إن ذلك جار على زعمهم أن لهم أنصارا كثيرة فنفي ذلك؛ تهكما بهم، واللام إما للعهد - والجمع باعتبار معنى ( من ) كما أن إفراد الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها - وإما للجنس، وهم يدخلون فيه دخولا أوليا، ووضعه على الأول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بأنهم ظلموا بالإشراك، وعدلوا عن طريق الحق، والجملة تذييل مقرر لما قبله، وهو إما من تمام كلام عيسى - عليه السلام - وإما وارد من جهته تعالى؛ تأكيدا لمقالته - عليه السلام - وتقريرا لمضمونها.