وجدك لو شيء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا،
وقولهم: لو ذات سوار لطمتني. و (ترى) بصرية وحذف مفعولها لدلالة ما في حيز الظرف عليه. والإيقاف إما من الوقوف المعروف أو من الوقوف بمعنى المعرفة كما يقال أوقفته على كذا إذا فهمته وعرفته. واختاره أي ولو ترى حالهم حين يوقفون على النار حتى يعاينوها أو يرفعوا على جسرها وهي تحتهم فينظرونها أو يدخلونها فيعرفون مقدار عذابها لرأيت ما لا يحيط به نطاق التعبير. وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق الزجاجوقيل : إن (لو) بمعنى إن. وجوزوا أن تكون ترى علمية وهو كما ترى. وقرئ (وقفوا) بالبناء للفاعل من وقف عليه اللازم ومصدره غالبا للوقوف. ويستعمل وقف متعديا أيضا ومصدره الوقف وسمع فيه أوقف لغة قليلة
وقيل : إنه بطريق القياس (فقالوا) لعظم أمر ما تحققوه يا ليتنا نرد أي إلى الدنيا. و (يا) للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف أي يا قومنا مثلا ولا نكذب بآيات ربنا أي القرآن كما كنا نكذب من قبل ونقول: أساطير الأولين. وفسر بعضهم الآيات بما يشمل ذلك والمعجزات، وقال شيخ الإسلام : يحتمل أن يراد بها الآيات الناطقة بأحوال النار وأهوالها الآمرة باتقائها بناء على أنها التي تخطر حينئذ ببالهم ويتحسرون على ما فرطوا في حقها. ويحتمل أن يراد بها جميع الآيات المنتظمة لتلك الآيات انتظاما أوليا ونكون من المؤمنين
72
- بها حتى لا نرى هذا الموقف الهائل كما لم ير المؤمنون. ونصب الفعلين -على ما قال وسبقه إليه كما قال الزمخشري الزجاج- بإضمار أن على جواب التمني. والمعنى إن رددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين. ورده الحلبي بأن نصب الفعل بعد الواو ليس على الجوابية لأنها لا تقع في جواب الشرط فلا ينعقد مما قبلها أو ما بعدها شرط جواب، وإنما هي واو تعطف ما بعدها على المصدر المتوهم قبلها وهي عاطفة يتعين مع النصب أحد محاملها الثلاث وهي المعية ويميزها عن الفاء صحة حلول محلها أو الحال. وشبهة من قال : إنها جواب أنها تنصب في المواضع التي تنصب فيها الفاء فتوهم أنها جواب. ويوضح لك أنها ليست به انفراد الفاء دونها بأنها إذا حذفت انجزم الفعل بعدها بما قبلها لما تضمنه من معنى الشرط، وأجيب بأن الواو أجريت هنا مجرى الفاء. وجعلها أبو حيان مبدلة منها. ويؤيد ذلك قراءة ابن الأنباري ابن مسعود وابن إسحاق (فلا نكذب) ، واعترض أيضا ما ذكره من معنى الجزائية بأن ردهم لا يكون سببا لعدم تكذيبهم. وأجيب بأن السببية يكفي فيها كونها في زعمهم. ورد بأن مجرد الرد لا يصلح لذلك فلا بد من العناية بأن يراد الرد الكائن بعد ما ألجأهم إلى ذلك إذ قد انكشفت لهم حقائق الأشياء. ولهذه الدغدغة اختار من اختار العطف على مصدر متوهم قبل كأنه قيل: ليت لنا ردا وانتفاء تكذيب وكونا من المؤمنين. وقرأ الزمخشري وابن كثير نافع برفع الفعلين، وخرج على أن ذلك ابتداء كلام منهم غير معطوف على ما قبله والواو كالزائدة؛ كقول المذنب لمن يؤذيه على ما صدر منه: دعني ولا أعود يريد لا أعود تركتني أو لم تتركني. ومن ذلك على ما قاله الإمام والكسائي عبد القاهر قوله : [ ص: 129 ]
اليوم يومان مذ غيبت عن نظري نفسي فداؤك ما ذنبي فأعتذر
وقرئ شاذا بعكس هذه القراءة.