وأخرج ابن جرير عن وابن أبي حاتم أنهما عبارة عن صلاتي الصبح والعصر لأن الزمان كثيرا ما يذكر ويراد به ما يقع فيه كما يقال صلى الصبح والمراد صلاته، وقد يعكس فيراد بالصلاة زمانها نحو قربت الصلاة أي وقتها، وقد يراد بها مكانها كما قيل في قوله تعالى : مجاهد لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى أن المراد بالصلاة المساجد وخصا بالذكر لشرفهما، والأقوال في الدعاء جارية على هذا القول خلا الثاني، وقرأ هنا وفي الكهف (الغدوة) بالواو وهي قراءة ابن عامر الحسن ومالك بن دينار وأبي رجاء العطاردي وغيرهم، وزعم أن من قرأ بالواو فقد أخطأ لأن غدوة علم جنس لا تدخله الألف واللام، ومنشأ خطئه أنه اتبع رسم الخط لأن الغداة تكتب بالواو كالصلاة والزكاة، وقد أخطأ في هذه التخطئة لأن (غدوة) وإن كان المعروف فيها ما ذكره لكن قد سمع مجيئها اسم جنس أيضا منكرا مصروفا فتدخلها (أل) حينئذ، وقد نقل ذلك أبو عبيد عن سيبويه وتصديره بالزعم لا يدل على ضعفه كما يشير إليه كلام الخليل الإمام النووي في شرح مسلم، وذكره جم غفير من أهل اللغة
وذكر أيضا عن المبرد العرب تنكيره غدوة وصرفها وإدخال اللام عليها إذا لم يرد بها غدوة يوم بعينه، والمثبت مقدم على النافي ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وكفى بوروده في القراءة المتواترة حجة فلا حاجة - كما قيل - إلى التزام أنها علم لكنها نكرت فدخلتها (أل) لأن تنكير العلم وإدخال (أل) عليه أقل قليل في كلامهم بل إن تنكير علم الجنس لم يعهد ولا إلى التزام أنها معرفة ودخلتها اللام لمشاكلة العشي كما دخلت على يزيد لمشاكلة الوليد في قوله :
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا شديدا بأعباء الخلافة كاهله،
لأن هذا النوع من المشاكلة وهو المشاكلة الحقيقة قليل أيضا والكثير في المشاكلة المجاز ولا دلالة في [ ص: 160 ] الآية على أنه صلى الله عليه وسلم وقع منه الطرد ليخدش وجه العصمة، والذي تحكيه الآثار أنه عليه الصلاة والسلام هم أن يجعل أولئك الداعين المتقين وقتا خاصا وأشراف قريش وقتا آخر ليتآلفوا فيقودهم إلى الإيمان، وأولئك رضي الله تعالى عنهم يعلمون ما قصد صلى الله عليه وسلم فلا يحصل لهم إهانة وانكسار قلب منه عليه الصلاة والسلاميريدون وجهه في موضع الحال من ضمير (يدعون) وفي المراد بالوجه عند المؤولين خلاف فقيل وهو المشهور إنه الذات أي مريدين ذاته تعالى، ومعنى إرادة الذات على ما قيل الإخلاص لها بناء على استحالة كون الله تعالى مرادا لذاته سبحانه وتعالى لأن الإرادة صفة لا تتعلق إلا بالممكنات لأنها تقتضي ترجيح أحد طرفي المراد على الآخر وذلك لا يعقل إلا فيها أي يدعون ربهم مخلصين له سبحانه فيه، وقيد بذلك لتأكيد عليته للنهي فإن الإخلاص من أقوى موجبات الإكرام المضاد للطرد، وقيل : المراد به الجهة والطريق، والمعنى مريدين الطريق الذي أمرهم جل شأنه بإرادته، وهو الذي يقتضيه كلام ، وقيل : إنه كناية عن المحبة وطلب الرضا لأن من أحب ذاتا أحب أن يرى وجهه فرؤية الوجه من لوازم المحبة فلهذا جعل كناية عنها قاله الزجاج الإمام وهو كما ترى
وجوز أيضا أن يكون ذكر الوجه للتعظيم كما يقال : هذا وجه الرأي وهذا وجهه الدليل والمعنى يريدونه ما عليك من حسابهم من شيء ضمير الجمع للموصول السابق كما روي عن وغالب المفسرين عطاء
وجوز في (ما) أن تكون تميمية وحجازية وفي (شيء) أن يكون فاعل الظرف المعتمد على النفي و (من حسابهم) وصف له قدم فصار حالا وأن يكون في موضع رفع بالابتداء، والظرف المتقدم متعلق بمحذوف وقع خبرا مقدما له، و (من) زائدة للاستغراق، وكلام يشير إلى اختياره، والجملة اعتراض وسط بين النهي وجوابه تقريرا له ودفعا لما عسى أن يتوهم كونه مسوغا لطرد المتقين من أقاويل الطاعنين في دينهم كدأب قوم الزمخشري نوح عليه السلام حيث قالوا : وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ، والمعنى ما عليك شيء ما من حساب إيمانهم وأعمالهم الباطلة كما يقوله المشركون حتى تتصدى له وتبني على ذلك ما تراه من الأحكام، وإنما وظيفتك حسبما هو شأن منصب الرسالة النظر إلى ظواهر الأمور وإجراء الأحكام على موجبها وتفويض البواطن وحسابها إلى اللطيف الخبير، وظواهر هؤلاء دعاء ربهم بالغداة والعشي، وروي عن أن المعنى ما عليك شيء من حساب رزقهم أي فقرهم والمراد لا يضرك فقرهم شيئا ليصح لك الإقدام على ما أراده المشركون منك فيهم ابن زيد
وما من حسابك عليهم من شيء عطف على ما قبله وجيء به مع أن الجواب قد تم بذلك مبالغة في بيان كون انتفاء حسابهم عليه الصلاة والسلام بنظمه في سلك ما لا شبهة فيه أصلا وهو انتفاء كون حسابه صلى الله عليه وسلم عليهم فهو على طريقة قوله سبحانه : فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون في رأي
وقال : أن الجملتين في معنى جملة واحدة تؤدي مؤدى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) كأنه قيل : لا تؤاخذ أنت ولا هم بحساب صاحبه وحينئذ لا بد من الجملتين ، وتعقب بأنه غير حقيق بجلالة التنزيل وتقديم خطابه صلى الله تعالى عليه وسلم في الموضعين - قيل - للتشريف له عليه أشرف الصلاة وأفضل السلام وإلا كان الظاهر وما عليهم من حسابك من شيء بتقديم (على) ومجرورها كما في الأول، وقيل : إن تقديم عليك في الجملة الأولى للقصد إلى إيراد النفي على اختصاص حسابهم به صلى الله تعالى عليه وسلم إذ هو الداعي إلى تصديه عليه الصلاة والسلام لحسابهم [ ص: 161 ] وذهب بعض المفسرين إلى أن ضمير الجمع للمشركين، وروي ذلك عن الزمخشري رضي الله تعالى عنهما، والمعنى إنك لا تؤاخذ بحسابهم حتى يهمك إيمانهم ويدعوك الحرص عليه إلى أن تطرد المؤمنين، والضمير في قوله سبحانه: ابن عباس فتطردهم للمؤمنين على كل حال، والفعل منصوب على أنه جواب النفي والمراد انتفاء الطرد لا انتفاء كون حسابهم عليه عليه الصلاة والسلام ضرورة انتفاء المسبب لانتفاء سببه كأنه قيل : ما يكون منك ذلك فكيف يقع منك طرد وهو أحد معنيين في مثل هذا التركيب يمتنع ثانيهما هنا، وقوله تعالى : فتكون من الظالمين
25
- جواب للنهي وجوز الإمام أن يكون عطفا على فتطردهم على وجه التسبب لأن الكون ظالما معلول طردهم وسبب له، واعترض بأن الاشتراك في النصب بالعطف يقتضي الاشتراك في سبب النصب وهو توقف الثاني على الأول بحيث يلزم من انتفاء الأول انتفاؤه، والكون من الظالمين منتف سواء لوحظ ابتداء أو بعد ترتبه على الطرد وجعله مترتبا على الطرد بلا اعتبار كونه مترتبا على المنفي ومنتفيا بانتفائه يفوت وجود سببية العطف، وأجيب بأن الظلم بالطرد يتوقف انتفاؤه على انتفاء الطرد كما لا يتوقف وجوده على وجوده، وانتفاء الطرد متوقف على انتفاء كون حسابهم عليه الصلاة والسلام فانتفاء الظلم بالطرد يتوقف على ذلك أيضا فيلزم من الانتفاء الانتفاء ويتحقق الاشتراك في سبب النصب وهو ظاهر وإنكاره مكابرة، واعترض أيضا بأن العطف مؤذن بأن عدم الظلم لعدم تفويض الحساب إليه صلى الله عليه وسلم فيفهم منه أنه لو كان حسابهم عليه صلى الله عليه وسلم وطردهم لكان ظلما وليس كذلك، لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وأجيب بأنه على حد - نعم العبد والزمخشري لو لم يخف الله لم يعصه - وفي الكشف في بيان مراد صاحب الكشاف أنه أراد أن الطرد سبب للظلم، فقيل : ما عليك من حسابهم لتطردهم فتظلم به، ويفهم منه أنه لو كان عليه حسابهم لم يكن طرده إياهم ظلما، وذلك لأن الطرد جعل سببا للظلم على تقدير أن لا يملك حسابهم وعليه لا حاجة إلى جعله على حد -نعم العبد- إلخ بل هو خروج عن الحد، وجوز بعضهم أن يكون الأول جوابا للنهي كما جاز أن يكون جوابا للنفي، ونقل عن الدر المصون وقال : الكلام عليه بحسب الظاهر ولا تطردهم فتطردهم وهو كما ترى، وجعل بعضهم اجتماع ذينك النفيين السابقين على هذا الجواب من قبيل التنازع خلا أنه لا يمكن كون الجواب للثاني بوجه أصلا إذ يلزم المعنى حينئذ أنه لو كان عليهم شيء من حسابه عليه الصلاة والسلام كان طرده إياهم حسنا، وهو خلف لا يجوز حمل القرآن عليه، وليس في هذا خروج عن مختار البصريين لإعمال الثاني لأن شرطه عندهم أن يكون المعنى مستقيما فيهما؛ فإن لم يستقم أعمل الأول اتفاقا كما في قوله : ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة كفاني - ولم أطلب - قليل من المال وأنت إذا علمت أن الجملة الثانية لماذا أتي بها علمت ما في هذا الكلام فافهم؛ وأيا ما كان فالمراد فتكون من الظالمين لأنفسهم أو لأولئك المؤمنين أو فتكون ممن اتصف بصفة الظلم، صهيب وكذلك فتنا أي ابتلينا واختبرنا بعضهم ببعض، والمراد عاملناهم معاملة المختبر، وذلك إشارة إلى الفتن المذكور في النظم الكريم وعبر [ ص: 162 ] عنه بذلك إيذانا بتفخيمه كقولك : ضربت ذلك الضرب، والكاف مقحمة بمعنى أن التشبيه غير مقصود منها بل المقصود لازمه الكنائي أو المجازي وهو التحقق والتقرر وهو إقحام مطرد، وليست زائدة كما توهم، والمعنى مثل ذلك الفتن العظيم البديع فتنا بعض الناس ببعضهم حيث قدمنا الآخرين في أمر الدين على الأولين المتقدمين عليهم في أمر الدنيا، ويؤول إلى أن هذا الأمر العظيم متحقق منا، ومن ظن أن التشبيه هو المقصود لم يجوز أن يكون ذلك إشارة إلى المذكور لما يلزمه من تشبيه الشيء بنفسه، وتكلف لوجه التشبيه والمغايرة بجعل المشبه به الأمر المقرر في العقول والمشبه ما دل عليه الكلام من الأمر الخارجي، وقيل : المراد مثل ما فتنا الكفار بحسب غناهم وفقر المؤمنين حتى أهانوهم خلافهم في الأسباب الدنيوية فتناهم بحسب سبق المؤمنين إلى الإيمان وتخلفهم عنه حتى حسدوهم، وقالوا ما قالوا لاختلاف أديانهم، ولا يخفى أن الأول أدق نظرا أو أعلى كعبا، وقد سلف بعض الكلام على ذلك ليقولوا أي البعض الأولون مشيرين إلى الآخرين محقرين لهم أهؤلاء من الله عليهم بأن وفقهم لإصابة الحق والفوز بما يسعدهم عنده سبحانه من بيننا أي من دوننا ونحن المقدمون والرؤساء وهم العبيد والفقراء، وغرضهم بذلك إنكار المن رأسا على حد قولهم : لو كان خيرا ما سبقونا إليه لا تحقير الممنون عليهم مع الاعتراف بوقوعه بطريق الاعتراض عليه سبحانه، وذكر الإمام أنه سبحانه وتعالى بين في هذه الآية أن كلا من الفريقين المؤمنين والكفار مبتلى بصاحبه فأولئك الكفار الرؤساء الأغنياء كانوا يحسدون فقراء الصحابة رضي الله تعالى عنهم على كونهم سابقين في الإسلام متسارعين إلى قبوله فقالوا : لو دخلنا في الإسلام لوجب علينا أن ننقاد لهؤلاء الفقراء وكان ذلك يشق عليهم، ونظيره قوله تعالى : (أألقي عليه الذكر من بيننا) ، و لو كان خيرا ما سبقونا إليه ، وأما فقراء الصحابة فكانوا يرون أولئك الكفار في الراحة والمسرة والخصب والسعة فكانوا يقولون كيف حصلت هذه الأحوال لهؤلاء الكفار مع أنا في الشدة والضيق والقلة، والمحققون المحقون فهم الذين يعلمون أن كل ما فعله الله تعالى فهو حق وصدق وحكمة وصواب ولا اعتراض عليه إما بحكم المالكية كما نقول أو بحسب المصلحة كما يقول المعتزلة انتهى، وفيه نظر لأن صدر كلامه صريح في أن الكفار معترفون بوقوع المن المشار إليهم حاسدون لهم على وقوعه وهو مناف لتنظيره بقولهم : لو كان خيرا إلخ، وأيضا كلامه كالصريح في أن فقراء المؤمنين حسدوا الكفار على دنياهم، واعترضوا على الله سبحانه بالترفيه على أعدائه والتضييق على أحبائه وذلك مما يجل عنه أدنى المؤمنين فكيف أولئك الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، وأيضا مقابلة فقراء الصحابة رضي الله تعالى عنهم بالمحققين المحقين يدل على أنهم وحاشاهم لم يكونوا كذلك وهو بديهي البطلان عند المحققين المحقين فتدبر
واللام ظاهرة في التعليل، وهي متعلقة (بفتنا) وما بعدها علة له، والسلف كما قال شيخنا إبراهيم الكوراني وقاضي القضاة تقي الدين محمد التنوخي وغيرهما على إثبات العلة لأفعاله تعالى استدلالا بنحو عشرة آلاف دليل على ذلك، واحتج النافون لذلك بوجوه ردها الثاني في المختبر، وذكر الأول في مسلك السداد ما يعلم منه ردها وهذا بحث قد فرغ منه وطوي بساطه، وقال غير واحد : هي لام العاقبة ونقل عن شرح المقاصد ما يأبى ذلك وهو لام العاقبة إنما تكون فيما لا يكون للفاعل شعور بالترتب وقت الفعل أو قبله فيفعل [ ص: 163 ] لغرض، ولا يحصل له ذلك بل ضده فيجعل كأنه فعل الفعل لذلك الغرض الفاسد تنبيها على خطئه، ولا يتصور هذا في كلام علام الغيوب بالنظر إلى أفعاله وإن وقع فيه بالنظر إلى فعل غيره سبحانه كقوله عز وجل : فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إذ ترتب فوائد أفعاله تعالى عليها مبنية على العلم التام، نعم أن ابن هشام وكثيرا من النحاة لم يعتبروا هذا القيد وقالوا : أنها لام تدل على الصيرورة والمآل مطلقا فيجوز أن تقع في كلامه تعالى حينئذ على وجه لا فساد فيه، ومن الناس من قال : إنها للتعليل مقابلا به احتمال العاقبة على أن فتنا متضمن معنى خذلنا أو على أن الفتن مراد به الخذلان من إطلاق المسبب على السبب
واعترض بأن التعليل هنا ليس بمعناه الحقيقي بناء على أن أفعاله تعالى منزهة عن العلل فيكون مجازا عن مجرد الترتب وهو في الحقيقة معنى لام العاقبة فلا وجه للمقابلة، وأجيب بأنهما مختلفان بالاعتبار فإن اعتبر تشبيه الترتيب بالتعليل كانت لام تعليل، وإن لم يعتبر كانت لام عاقبة، واعترض بأن العاقبة استعارة فلا يتم هذا الفرق إلا على القول بأنه معنى حقيقي، وعلى خلافه يحتاج إلى فرق آخر، وقد يقال : في الفرق أن في التعليل المقابل للعاقبة سببية واقتضاء وفي العاقبة مجرد ترتب وإفضاء وفي التعليل الحقيقي يعتبر البعث على الفعل، وهذا هو مراد من قال : إن أفعال الله تعالى لا تعلل وحينئذ يصح أن يقال : إن اللام على تقدير تضمين فتنا معنى خذلنا أو أن الفتن مراد به الخذلان للتعليل مجازا لأن هناك تسببا واقتضاء فقط من دون بعث وعلى تقدير عدم القول بالتضمين وإبقاء اللفظ على المتبادر منه وهي لام العاقبة وهو تعليل مجازي أيضا، لكن ليس فيه إلا التأدي فإن ابتلاء بعضهم ببعض مؤد للحسد وهو مؤد إلى القول المذكور وليس هناك تسبب ولا بعث أصلا، والحاصل أن كلا من العاقبة والتعليل المقابل لها مجاز عن التعليل الحقيقي إلا أن التعليل المقابل أقرب إليه من العاقبة، ومنشأ الأقربية هو الفارق والبحث بعد محتاج إلى تأمل فتأمل، وإذا فتح لك فاشكر الله سبحانه
أليس الله بأعلم بالشاكرين
35
- رد لقولهم ذلك وإشارة إلى أن مدار استحقاق ذلك الإنعام معرفة شأن النعمة والاعتراف بحق المنعم. والاستفهام للتقرير بعلمه البالغ بذلك، والباء الأولى سيف خطيب والثانية متعلقة (بأعلم) ويكفي أفعل العمل في مثله. وفي الدر المصون: العلم يتعدى بالباء لتضمنه معنى الإحاطة وهو كثير في كلام الناس نحو علم بكذا وله علم به، والمعنى: أليس الله تعالى عالما على أتم وجه محيطا علمه بالشاكرين لنعمه حتى يستبعدوا إنعامه عز وجل عليهم، وفيه من الإشارة إلى أن أولئك الضعفاء عارفون بحق نعم الله تعالى عليهم من التوفيق للإيمان والسبق إليه وغير ذلك شاكرون عليه مع التعريض بأن القائلين القائلين في مهامة الضلال بمعزل عن ذلك كله ما لا يخفى