ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون   إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين   وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين   
قوله عز وجل: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر  فيه ثلاثة أوجه: 
 [ ص: 475 ] أحدها: أن الزبور الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه ، والذكر أم الكتاب الذي عنده في السماء ، وهذا قول  مجاهد.  والثاني: أن الزبور من الكتب التي أنزلها الله تعالى على من بعد موسى  من أنبيائه ، وهذا قول  الشعبي.  أن الأرض يرثها عبادي الصالحون  فيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها أرض الجنة يرثها أهل الطاعة ، وهذا قول  سعيد بن جبير  ،  وابن زيد.  والثاني: أنها الأرض المقدسة يرثها بنو إسرائيل ، وهذا قول  الكلبي.  والثالث: أنها أرض الدنيا ، والذي يرثها أمة محمد  صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول  ابن عباس.  قوله عز وجل: إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين  أما قوله : إن في هذا  ففيه قولان: أحدهما: يعني في القرآن. والثاني: في هذه السورة. وفي قوله: لبلاغا لقوم عابدين  وجهان: أحدهما: أنه بلاغ إليهم يكفهم عن المعصية ويبعثهم على الطاعة. 
الثاني: أنه بلاغ لهم يبلغهم إلى رضوان الله وجزيل ثوابه. وفي قوله: عابدين  وجهان: أحدهما: مطيعين. والثاني: عالمين. قوله عز وجل: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين  فيما أريد بهذه الرحمة وجهان: أحدهما: الهداية إلى طاعة الله واستحقاق ثوابه. 
 [ ص: 476 ] الثاني: أنه ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال. وفي قوله: للعالمين  وجهان: أحدهما: من آمن منهم ، فيكون على الخصوص في المؤمنين إذا قيل إن الرحمة الهداية. 
الثاني: الجميع ، فيكون على العموم في المؤمنين والكافرين إذا قيل إن الرحمة ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال. 
				
						
						
