قوله : وجعلنا ابن مريم وأمه آية فآيته أن خلق من غير ذكر وآيتها أن حملت من غير بعل ، ثم تكلم في المهد فكان كلامه آية له ، وبراءة لها .
وآويناهما إلى ربوة الآية . الربوة ما ارتفع من الأرض وفيه قولان :
أحدهما : أنها لا تسمى ربوة إلا إذا اخضرت بالنبات وربت ، وإلا قيل نشز اشتقاقا من هذا المعنى واستشهادا بقول الله تعالى : كمثل جنة بربوة [البقرة : 65] ويقول الشاعر
طوى نفسه طي الحرير كأنه حوى جنة في ربوة وهو خاشع
[ ص: 56 ] الثاني : تسمى ربوة وإن لم تكن ذات نبات قال امرؤ القيسفكنت هميدا تحت رمس بربوة تعاورني ريح جنوب وشمأل
وفي المراد بها هنا أربعة أقاويل :
أحدها : الرملة ، قاله . أبو هريرة
الثاني : دمشق ، قاله . ابن جبير
الثالث : مصر ، قاله . ابن زيد
الرابع : بيت المقدس . قاله ، قال قتادة كعب الأحبار ، هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا .
وفي : ذات قرار أربعة أوجه :
أحدها : ذات استواء ، قاله . ابن جبير
الثاني : ذات ثمار ، قاله . قتادة
الثالث : ذات معيشة تقرهم ، قاله . الحسن
الرابع : ذات منازل تستقرون فيها ، قاله . وفي يحيى بن سلام ومعين وجهان :
أحدهما : أنه الجاري ، قاله . قتادة
الثاني : أنه الماء الطاهر ، قاله ومنه قول عكرمة جرير
إن الذين غروا بلبك غادروا وشلا بعينك ما يزال معينا
أي ظاهرا ، في اشتقاق المعين ثلاثة أوجه :
أحدها : لأنه جار من العيون ، قاله فهو مفعول من العيون . ابن قتيبة
الثاني : أنه مشتق من المعونة .
الثالث : من الماعون .
[ ص: 57 ]