ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار
ثم أخبر أن مع هذه الآيات الباهرة لذوي العقول ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا والأنداد الأمثال، واحدها ند، والمراد به الأصنام التي كانوا يتخذونها آلهة يعبدونها كعبادة الله تعالى مع عجزها عن قدرة الله في آياته الدالة على وحدانيته. ثم قال تعالى: يحبونهم كحب الله يعني أنهم مع عجز الأصنام يحبونهم كحب الله مع قدرته. والذين آمنوا أشد حبا لله يعني من حب أهل الأوثان لأوثانهم، ومعناه أن المخلصين لله تعالى هم المحبون حقا. [ ص: 219 ]
قوله تعالى: إذ تبرأ الذين اتبعوا فيهم قولان: أحدهما: أن الذين اتبعوا هم السادة والرؤساء تبرؤوا ممن اتبعهم على الكفر، وهذا قول والثاني: أنهم الشياطين تبرؤوا من الإنس، وهذا قول عطاء. السدي. ورأوا العذاب يعني به المتبوعين والتابعين. وفي رؤيتهم للعذاب وجهان محتملان: أحدهما: تيقنهم له عند المعاينة في الدنيا. والثاني: أن الأمر بعذابهم عند العرض والمساءلة في الآخرة. وتقطعت بهم الأسباب فيه خمسة تأويلات: أحدها: أن الأسباب تواصلهم في الدنيا، وهو قول مجاهد . والثاني: المنازل التي كانت لهم في الدنيا، وهو قول وقتادة . والثالث: أنها الأرحام، وهو رواية ابن عباس عن ابن جريج . والرابع: أنها الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا، وهو قول ابن عباس والخامس: أنها العهود والحلف الذي كان بينهم في الدنيا. السدي. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا يريد بذلك أن الأتباع قالوا للمتبوعين لو أن لنا كرة أي رجعة إلى الدنيا فنتبرأ منكم فيها كما تبرأتم منا في الآخرة. كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم يريد المتبوعين والأتباع، والحسرة شدة الندامة على محزون فائت. وفي أعمالهم حسرات عليهم وجهان: أحدهما: برهم الذي حبط بكفرهم، لأن والثاني: ما نقصت به أعمارهم في أعمال المعاصي أن لا تكون مصروفة إلى طاعة الله. الكافر لا يثاب مع كفره. وما هم بخارجين من النار يريد به أمرين: أحدهما: فوات الرجعة. [ ص: 220 ]
والثاني: خلودهم في النار.