ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد
قوله تعالى : ولقد آتينا لقمان الحكمة اختلف في نبوته على قولين :
أحدهما : أنه نبي ، قاله عكرمة . والشعبي
الثاني : أنه حكيم وليس بنبي ، قاله مجاهد وقتادة . وسعيد بن المسيب ، قال ووهب بن منبه إسماعيل : كان لقمان من سودان مصر ذا مشافر أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة . وقال : خير الله قتادة لقمان بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة على النبوة فأتاه جبريل وهو نائم فذر عليه الحكمة فأصبح ينطق بها ، فقيل له : كيف اخترت الحكمة على النبوة وقد خيرك ربك؟ فقال : إنه لو أرسل إلي بالنبوة عزمة لرجوت فيه العون منه ولكنت أرجو أن أقوم بها ، ولكنه خيرني فخفت أن أضعف عن النبوة فكانت الحكمة أحب إلي .
واختلف في جنسه على قولين :
أحدهما : أنه كان من النوبة قصيرا أفطس ، قاله . جابر بن عبد الله
الثاني : كان عبدا حبشيا ، قاله . ابن عباس
واختلف في صنعته على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه كان خياطا بمصر ، قاله . سعيد بن المسيب
الثاني : أنه كان راعيا فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك فقال : ألست عبد بني فلان الذي كنت ترعى بالأمس؟ قال بلى ، قال : فما بلغ بك ما أرى؟ قال : قدر الله [ ص: 332 ] وأدائي الأمانة ، وصدق الحديث وتركي ما لا يعنيني ، قاله عبد الرحمن بن زيد بن جابر .
الثالث : أنه كان نجارا فقال له سيده : اذبح لي شاة وأتني بأطيبها مضغتين فأتاه باللسان والقلب فقال له : ما كان فيها شيء أطيب من هذين فسكت ، ثم أمره فذبح له شاة ثم قال : ألق أخبثها مضغتين فألقى اللسان والقلب فقال له : أمرتك أن تأتيني بأطيب مضغتين فأتيتني باللسان والقلب وأمرتك أن تلقي أخبثها مضغتين فألقيت باللسان والقلب، فقال: إنه ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا ، قاله خالد الربعي . واختلف في زمانه على قولين :
أحدهما : أنه كان فيما بين عيسى ومحمد عليهما السلام .
الثاني : أنه ولد كوش بن سام بن نوح ، ولد لعشر سنين من ملك داود عليه السلام وبقي إلى زمن يونس عليه السلام .
وفي الحكمة التي أوتيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها الفهم والعقل ، قاله . السدي
الثاني : الفقه والعقل والإصابة في القول ، قاله . مجاهد
الثالث : الأمانة .
أن اشكر لله يعني نعم الله ، فيه وجهان :
أحدهما : معنى الكلام : ولقد آتيناه الحكمة وآتيناه الشكر لله ، قاله . المفضل
الثاني : آتيناه الحكمة لأن يشكر لله ، قاله . الزجاج
وفي شكره أربعة أوجه :
أحدها : هو حمده على نعمه .
الثاني : هو ألا يعصيه على نعمه .
الثالث : هو ألا يرى معه شريكا في نعمه عليه .
الرابع : هو طاعته فيما أمره .
[ ص: 333 ] ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه أي يعود شكره إلى نفسه لأنه على النعمة إذا زاد من الشكر .
ومن كفر فيه وجهان :
أحدهما : يعني كفر بالله واليوم الآخر ، قاله . مجاهد
الثاني : كفر النعمة ، قاله . يحيى بن سلام
فإن الله غني حميد فيه وجهان :
أحدهما : غني عن خلقه حميد في فعله ، قاله . يحيى بن سلام
الثاني : غني عن شكره مستحمد إلى خلقه ، قاله . ابن عيسى