قوله تعالى : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فيهم قولان :
أحدهما : أنهم بايعوا الله على ألا يفروا ، فصدقوا في لقائهم العدو يوم أحد ، قاله . يحيى بن سلام
الثاني : أنهم قوم لم يشهدوا بدرا فعاهدوا الله ألا يتأخروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرب يشهدها أو أمر بها ، فوفوا بما عاهدوا الله عليه ، قاله أنس بن مالك .
فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : فمنهم من مات ومنهم من ينتظر الموت ، قاله ومنه قول ابن عباس بشر بن أبي خازم
قضى نحب الحياة وكل حي إذا يدعى لميتته أجابا
[ ص: 390 ] الثاني : فمنهم من قضى عهده قتل أو عاش ، ومنهم من ينتظر أن يقضيه بقتال أو صدق لقاء ، قاله . مجاهد
الثالث : فمنهم من قضى نذره ومنه قول الراعي
حتى تحن إلى ابن أكرمها حسبا وكن منجز النحب
فيكون النحب على التأويل الأول الأجل ، وعلى الثاني العهد ، وعلى الثالث النذر .
وما بدلوا تبديلا فيه وجهان :
أحدهما : ما غيروا كما غير المنافقون ، قاله . ابن زيد
الثاني : ما بدلوا ما عاهدوا الله عليه من الصبر ولا نكثوا بالفرار ، وهذا معنى قول . الحسن
قوله : ليجزي الله الصادقين بصدقهم يحتمل وجهين :
أحدهما : الذين صدقوا لما رأوا الأحزاب هذا ما وعدنا الله ورسوله الآية .
الثاني : الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه من قبل فثابوا ولم يغيروا .
ويعذب المنافقين إن شاء فيه وجهان :
أحدهما : يعذبهم إن شاء ويخرجهم من النفاق إن شاء ، قاله . قتادة
الثاني : يعذبهم في الدنيا إن شاء أو يميتهم على نفاقهم فيعذبهم في الآخرة إن شاء ، قاله . السدي
أو يتوب عليهم قال يخرجهم من النفاق بالتوبة حتى يموتوا وهم تائبون . السدي
[ ص: 391 ] إن الله كان غفورا رحيما يحتمل وجهين :
أحدهما : غفورا بالتوبة رحيما بالهداية إليها .
الثاني : غفورا لما قبل التوبة رحيما لما بعدها .