وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما وأخرى لم [ ص: 317 ] تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن
قوله عز وجل: وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فيه قولان:
أحدهما: هي مغانم خيبر، قاله ابن زيد.
الثاني: هو كل مغنم غنمه المسلمون ، قاله . مجاهد فعجل لكم هذه فيه قولان:
أحدهما: مغانم خيبر ، قاله . مجاهد
الثاني: صلح الحديبية ، قاله . ابن عباس وكف أيدي الناس عنكم فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: اليهود كف أيديهم عن المدينة عند خروجهم إلى الحديبية.
الثاني: قريش كف أيديهم عن المدينة عند خروجهم إلى الحديبية.
الثالث: أسد وغطفان الحليفان عليهم عيينة بن حصن جاءوا لينصروا أهل ومالك بن عوف خيبر ، فألقى الله في قلوبهم الرعب فانهزموا. ولتكون آية للمؤمنين فيه وجهان:
أحدهما: ليكون كف أيديهم عنكم آية للمؤمنين.
الثاني: ليكون فتح خيبر آية أي علامة لصدق الله تعالى في وعده وصدق رسوله في خبره. قيل لتكون البيعة آية لهم.
قوله عز وجل: وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها فيها ثلاثة أقاويل: [ ص: 318 ] أحدها: هي أرض فارس والروم وجميع ما فتحه المسلمون، قاله . ابن عباس
الثاني: هي مكة، قاله . قتادة
الثالث: هي أرض خيبر ، قاله . الضحاك
في قوله قد أحاط الله بها وجهان:
أحدهما: قدر الله عليها ، قاله ابن بحر .
الثاني: حفظها عليكم ليكون فتحها لكم.
قوله عز وجل: سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا يعني طريقة الله وعادته السالفة نصر رسله وأوليائه على أعدائه.
وفي قوله ولن تجد لسنة الله تبديلا وجهان:
أحدهما: ولن تتغير سنة الله وعادته في نصرك على أعدائك وأعدائه.
الثاني: لن تجد لعادة الله في نصر رسله مانعا من الظفر بأعدائه وهو محتمل.
قوله عز وجل: وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: كف أيديهم عنكم بالرعب وأيديكم عنهم بالنهي.
الثاني: كف أيديهم عنكم بالخذلان ، وأيديكم عنهم بالاستبقاء لعلمه بحال من يسلم منهم.
الثالث: كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم بالصلح عام الحديبية. ببطن مكة فيه قولان:
أحدهما: يريد به مكة.
الثاني: يريد به الحديبية لأن بعضها مضاف إلى الحرام.
وفي قوله من بعد أن أظفركم عليهم ثلاثة أقاويل:
أحدها: أظفركم عليهم بفتح مكة وتكون هذه نزلت بعد فتح مكة ، وفيها دليل على أن مكة فتحت صلحا لقوله كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم الثاني: أظفركم عليهم بقضاء العمرة التي صدوكم عنها.
الثالث: أظفركم عليهم بما روى عن ثابت أنس أن ثمانين رجلا من أهل [ ص: 319 ] مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه من قبل التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوا من ظفروا به ، فأخذهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقهم ، فأنزل الله هذه الآية ، فكان هذا هو الظفر.