يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن [ ص: 524 ] ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم
يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة عام الفتح وبايعه الرجال جاءت النساء بعدهم للبيعة فبايعهن. واختلف في على ثلاثة أقاويل: بيعته لهن
أحدها: أنه جلس على الصفا [ومعه أسفل منه] فأمره أن يبايع النساء ، قاله عمر مقاتل.
الثاني: أنه أمر أخت أميمة خالة خديجة بعد أن بايعته ، أن تبايع النساء عنه، قاله فاطمة بنت رسول الله عن محمد بن المنكدر أميمة.
الثالث: أنه بايعهن بنفسه وعلى يده ثوب قد وضعه على كفه ، قاله وقيل بل وضع قعبا فيه ماء وغمس فيه يده وأمرهن فغمسن أيديهن ، فكانت هذه بيعة النساء. فإن قيل فما معنى بيعتهن ولسن من أهل الجهاد فتؤخذ عليهن البيعة كالرجال؟ قيل: كانت بيعته لهن تعريفا لهن بما عليهن من حقوق الله تعالى وحقوق أزواجهن لأنهن دخلن في الشرع ولم يعرفن حكمه فبينه لهن ، وكان أول ما أخذه عليهن أن لا يشركن بالله شيئا توحيدا له ومنعا لعبادة غيره. عامر الشعبي. ولا يسرقن فروى أن هند بنت عتبة كانت متنكرة عند أخذ البيعة على [ ص: 525 ] النساء خيفة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صنعته بحمزة وأكلها كبده ، فقالت حين سمعته في أخذ البيعة عليهن يقول " لا يسرقن " والله إني لا أصيب من إلا قوتنا ما أدري أيحل لي أم لا ، فقال أبي سفيان ما أصبت مما مضى أو قد بقي فهو لك حلال ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها فقال: (أنت أبو سفيان: هند ؟ فقالت عفا الله عما سلف.
ثم قال ولا يزنين فقالت هند يا رسول الله أو تزني الحرة؟
ثم قال ولا يقتلن أولادهن لأن العرب كانت تئد البنات ، فقالت هند: أنت قتلتهم يوم بدر ، وأنت وهم أبصر.
وروى أنها قالت: ربيناهم صغارا وقتلتوهم كبارا فأنتم وهم أعلم ، فضحك مقاتل حتى استلقى. عمر بن الخطاب ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه السحر ، قاله ابن بحر .
الثاني: والسعي في الفساد. المشي بالنميمة
والثالث: وهو قول الجمهور ألا يلحقن بأزواجهن غير أولادهن لأن الزوجة كانت تلتقط ولدا وتلحقه بزوجها ولدا ، ومعنى يفترينه بين أيديهن ما أخذته لقيطا ، وأرجلهن ما ولدته من زنى ، وروي أن هندا لما سمعت ذلك قالت: والله إن البهتان لأمر قبيح ، وما تأمر إلا بالأرشد ومكارم الأخلاق.
ثم قال ولا يعصينك في معروف فيه أربعة أوجه:
أحدها: أن المعروف هاهنا الطاعة لله ولرسوله ، قاله ميمون بن مهران.
الثاني: ما رواه عن شهر بن حوشب أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعصينك في معروف قال: هو النوح.
الثالث: أن من المعروف ألا تخمش وجهها ولا تنشر شعرها ولا تشق جيبا ولا تدعو ويلا، قاله أسيد بن أبي أسيد. [ ص: 526 ] الرابع: أنه عام في كل معروف أمر الله ورسوله به ، قاله . فروي أن الكلبي هندا قالت عند ذلك: ما جلسنا في مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعطيك من شيء وهذا دليل على أن طاعة الولاة إنما تلزم في المعروف المباح دون المنكر المحظور.