أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها يعني بالمصيبة التي أصابتهم يوم أحد ، وبالتي أصابوها يوم بدر. [ ص: 435 ]
قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم في الذي هو من عند أنفسهم ثلاثة أقاويل: أحدها: خلافهم في الخروج من المدينة للقتال يوم أحد ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يتحصنوا بها ، وهذا قول ، قتادة والثاني: اختيارهم الفداء من السبعين يوم والربيع. بدر على القتل ، وقد قيل لهم: إن فعلتم ذلك قتل منكم مثلهم ، وهذا قول ، علي والثالث: خلاف الرماة يوم وعبيدة السلماني. أحد لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في ملازمة موضعهم. وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين فيه قولان: أحدهما: ليرى المؤمنين. والثاني: ليميزوا من المنافقين. وليعلم الذين نافقوا يعني عبد الله بن أبي وأصحابه. وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله يعني جاهدوا. أو ادفعوا فيه قولان: أحدهما: يعني تكثير السواد وإن لم يقاتلوا وهو قول السدي . والثاني: معناه رابطوا على الخيل إن لم تقاتلوا ، وهو قول وابن جريج ابن عوف الأنصاري. قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم قيل: إن عبد الله بن عمرو بن حزام قال لهم: [اتقوا الله ولا تتركوا نبيكم فقال له ابن أبي] : علام نقتل أنفسنا؟ ارجعوا بنا لو نعلم قتالا لاتبعناكم. هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان لأنهم بإظهار الإيمان لا يحكم عليهم بحكم الكفار ، وقد كانوا قبل ذلك بإظهار الإيمان أقرب إلى الإيمان ، ثم صاروا بما فعلوه أقرب إلى الكفر من الإيمان. يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم يعني ما يظهرونه من الإسلام وليس في قلوبهم منه شيء. [ ص: 436 ]
وإنما قال: يقولون بأفواههم وإن كان القول لا يكون إلا به لأمرين: أحدهما: التأكيد. والثاني: أنه ربما نسب القول إلى الساكت مجازا إذ كان به راضيا. الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا يعني عبد الله بن أبي وأصحابه حين انخذلوا وقعدوا ، وكانوا نحو ثلاثمائة وتخلف عنهم من قتل منهم (فقالوا: لو أطاعونا وقعدوا معنا ما قتلوا). قل فادرءوا عن أنفسكم الموت أي ادفعوا عن أنفسكم الموت ، ومنه قول الشاعر:
تقول وقد درأت لها وضيني أهذا دينه أبدا وديني
إن كنتم صادقين فيه قولان: أحدهما: يعني في خبركم أنهم لو أطاعوا ما قتلوا. والثاني: معناه إن كنتم محقين في تثبيطكم عن الجهاد فرارا من القتل.