قوله تعالى: ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون وفي الموالي قولان: أحدهما: أنهم العصبة ، وهو قول ، ابن عباس ، وقتادة ، ومجاهد . والثاني: هم الورثة ، وهو قول وابن زيد ، وهو أشبه بقوله تعالى: السدي فهب لي من لدنك وليا يرثني قال الفضل بن عباس:
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم هي مفاعلة من عقد الحلف ، ومعناه: والذين عاقدت أيمانكم وأيمانهم بالحلف بينكم وبينهم ، فآتوهم نصيبهم. وفي المراد بهذه المعاقدة وبالنصيب المستحق خمسة أقاويل: أحدها: أن حلفهم في الجاهلية كانوا يتوارثون به في الإسلام ثم نسخ ذلك بقوله تعالى في الأنفال: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض [الأنفال: 75] وهذا قول ، ابن عباس ، وعكرمة . والثاني: أنها نزلت في الذين آخى بينهم النبي صلى الله عليه وسلم ، من وقتادة المهاجرين والأنصار ، فكان بعضهم يرث بعضا بتلك المؤاخاة بهذه الآية ، ثم نسخها ما تقدم من قوله تعالى: ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون [النساء: 33] ، وهذا قول ، عن سعيد بن جبير ، ابن عباس . والثالث: أنها نزلت في أهل العقد بالحلف ولكنهم أمروا أن يؤتوا بعضهم [ ص: 480 ] وابن زيد
بعضا من النصرة والنصيحة والمشورة والوصية دون الميت ، وهذا قول ، مجاهد ، وعطاء . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سأله والسدي قيس بن عاصم عن الحلف فقال: (لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة). والرابع: أنها نزلت في الذين يتبنون أبناء غيرهم في الجاهلية ، فأمروا في الإسلام أن يوصوا لهم عند الموت بوصية ، وهذا قول والخامس: أنها نزلت في قوم جعل لهم نصيب من الوصية ، ثم هلكوا فذهب نصيبهم بهلاكهم ، فأمروا أن يدفعوا نصيبهم إلى ورثتهم ، وهذا قول سعيد بن المسيب. الحسن البصري.