قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فيه قولان: أحدهما: يعني احذروا عدوكم. والثاني: معناه خذوا سلاحكم فسماه حذرا لأنه به يتقي الحذر. فانفروا ثبات أو انفروا جميعا والثبات: جمع ثبة ، والثبة العصبة ، ومنه قول زهير:
لقد أغدو على ثبة كرام نشاوى واجدين لما نشاء
[ ص: 506 ]فيكون معنى الآية: فانفروا عصبا وفرقا أو جميعا. قوله تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة يعني يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة ، فعبر عن البيع بالشراء. ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما فإن قيل: فالوعد من الله تعالى على القتال فكيف جعل على القتل أو الغلبة؟ قيل: لأن القتال يفضي غالبا إلى القتل فصار الوعد على القتال وعدا على من يفضي إليه ، والقتال على ما يستحقه من الوعد إذا أفضى إلى القتل والغلبة أعظم ، وهكذا أخبر.