وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون
قوله عز وجل: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها هؤلاء قوم من مشركي أهل مكة حلفوا بالله لرسوله صلى الله عليه وسلم لئن جاءتهم آية اقترحوها ليؤمنن بها ، قال : هم المستهزئون. واختلف في الآية التي اقترحوها على ثلاثة أقاويل: [ ص: 156 ] أحدها: أن تجعل لنا ابن جريج الصفا ذهبا. والثاني: ما ذكره الله في آخر: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا إلى قوله: كتابا نقرؤه فأمر الله نبيه حين أقسموا له أن يقول لهم قل إنما الآيات عند الله والثالث: أنه لما نزل قوله تعالى في الشعراء: إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين قال المشركون: أنزلها علينا حتى نؤمن بها إن كنت من الصادقين ، فقال المؤمنون: يا رسول الله أنزلها عليهم ليؤمنوا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، قاله : وليس يجب على الله إجابتهم إلى اقتراحهم لا سيما إذا علم أنهم لا يؤمنون بها ، واختلف في وجوبها عليه إذا علم إيمانهم بها على قولين وقد أخبر أنهم لا يؤمنون بقوله: الكلبي وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ثم قال تعالى: ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة وهذا من الله عقوبة لهم ، وفيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها عقوبة من الله في الآخرة يقلبها في النار. والثاني: في الدنيا بالحيرة حتى يزعج النفس ويغمها. والثالث: معناه أننا نحيط بذات الصدور وخائنة الأعين منهم. وفي قوله: أول مرة تأويلان: أحدهما: أول مرة جاءتهم الآيات. والثاني: أن الأول أحوالهم في الدنيا كلها ، ثم أكد الله تعالى حال عنتهم.