قوله عز وجل: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة يعني أن ما حرموه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام لم يحرمه الله تعالى ولا أوحى إلي بتحريمه ، ثم بين المحرم على وجه الاستثناء لأن نفي التحريم خرج مخرج العموم ، فقال: إلا أن يكون ميتة وهي التي خرجت روحها بغير ذكاة. أو دما مسفوحا يعني مهراقا مصبوبا ومنه سمي الزنا سفاحا لصب الماء فيه ضائعا ، وقال طرفة بن العبد
إني وجدك ما هجوتك والأن صاب يسفح فوقهن دم
فأما فإن كان ذا عروق يجمد عليها كالكبد والطحال فهو حلال [ ص: 182 ] لقوله صلى الله عليه وسلم: الدم غير مسفوح . وإن كان غير ذي عروق يجمد عليها وإنما هو مع اللحم وفيه ، ففي تحريمه قولان: أحدهما: لا يحرم لتخصيص التحريم بالمسفوح ، وهو قول أحلت لنا ميتتان ودمان ، فالميتتان: الحوت والجراد ، والدمان: الكبد والطحال ، عائشة ، وعكرمة ، قال وقتادة : لولا هذه الآية لتتبع المسلمون عروق اللحم كما تتبعها اليهود. والثاني: أنه حرام لأنه من جملة المسفوح وبعضه ، وإنما ذكر المسفوح لاستثناء الكبد والطحال منه. عكرمة أو لحم خنزير فإنه رجس يعني نجسا حراما. أو فسقا أهل لغير الله به يعني ، سماه فسقا لخروجه عن أمر الله. فإن قيل: لم اقتصر هنا على تحريم هذه الأربعة وقد ذكر في المائدة غيرها من المنخنقة والموقوذة والمتردية؟ قيل: لأن هذا كله من جملة الميتة فذكره هناك مفصلا وها هنا في الجملة. وفي هذه الآية قولان: أحدهما: أنها مشتملة على جميع المحرمات فلا يحرم من الحيوان ما عدا هذا المذكور فيها ، وهذا قول ما ذبح للأوثان والأصنام ، ابن عباس والثاني: أنها تشتمل على تحريم ما تضمنها وليست مستوعبة لجميع [ ص: 183 ] المحرمات لما جاءت به السنة من تحريم وعائشة. ، وهذا قول الجمهور. كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير