قوله عز وجل: إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فيه قولان: أحدهما: أنها نفقة قريش في قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، قاله . والثاني: أنه الضحاك استأجر معه يوم أبو سفيان أحد ألفين من الأحابيش ومنه [ ص: 317 ] ليقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سوى من انحاز إليه من كنانة العرب ، قاله سعيد ومجاهد والحكم بن عيينة ، وفي ذلك يقول كعب بن مالك:
وجئنا إلى موج من البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ونحن نصية
ثلاث مئين إن كثرنا فأربع
فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة يحتمل وجهين: أحدهما: يكون إنفاقها عليهم حسرة وأسفا عليها. والثاني: تكون خيبتهم فيما أملوه من الظفر عليهم حسرة تحذرهم بعدها. ثم يغلبون وعد بالنصر فحقق وعده. قوله عز وجل: ليميز الله الخبيث من الطيب فيه وجهان: أحدهما: الحلال من الحرام.
الثاني: الخبيث ما لم تخرج منه حقوق الله تعالى ، والطيب: ما أخرجت منه حقوق الله تعالى. يحتمل ثالثا: أن الخبيث: ما أنفق في المعاصي ، والطيب: ما أنفق في الطاعات. ويجعل الخبيث بعضه على بعض أي يجمعه في الآخرة وإن تفرق في الدنيا فيركمه جميعا أي يجعل بعضه فوق بعض ، ومنه قوله تعالى: ثم يجعله ركاما [النور: 43] . وفي قوله تعالى: فيجعله في جهنم وإن كانت الأموال لا تعذب وجهان: أحدهما: أن يجعلها عذابا في النار يعذبون بها ، كما قال تعالى: يوم يحمى عليها في نار جهنم [التوبة: 35] الآية.
الثاني: أنه يجعل أموالهم معهم في جهنم لأنهم استطالوا بها وتقووا على معاصي الله فجعلها معهم في الذل والعذاب كما كانت لهم في الدنيا عزا ونعيما. [ ص: 318 ]