قوله عز وجل: الأعراب أشد كفرا ونفاقا فيه وجهان: أحدهما: أن يكون الكفر والنفاق فيهم أكثر منه في غيرهم لقلة تلاوتهم القرآن وسماعهم السنن.
الثاني: أن الكفر والنفاق فيهم أشد وأغلظ منه في غيرهم لأنهم أجفى طباعا وأغلظ قلوبا. وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله ومعنى أجدر أي أقرب ، مأخوذ من الجدار الذي يكون بين مسكني المتجاورين. وفي المراد بحدود الله ما أنزل الله وجهان: أحدهما: فروض العبادات المشروعة.
الثاني: الوعد والوعيد في مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم والتخلف عن الجهاد. قوله عز وجل: ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما فيه وجهان: أحدهما: ما يدفع من الصدقات. [ ص: 394 ] الثاني: ما ينفق في الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم مغرما ، والمغرم التزام ما لا يلزم ، ومنه قوله تعالى: إن عذابها كان غراما [الفرقان: 65] أي لازما ، قال الشاعر:
فما لك مسلوب العزاء كأنما ترى هجر ليلى مغرما أنت غارمه
ويتربص بكم الدوائر جمع دائرة وهي انقلاب النعمة إلى ضدها ، مأخوذة من الدور ويحتمل تربصهم الدوائر وجهين: أحدهما: في إعلان الكفر والعصيان. والثاني: في انتهاز الفرصة بالانتقام. عليهم دائرة السوء رد لما أضمروا وجزاء لما مكروا. قوله عز وجل: ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر قال : هم مجاهد بنو مقرن من مزينة. ويتخذ ما ينفق قربات عند الله يحتمل وجهين: أحدهما: أنها تقربة من طاعة الله ورضاه.
الثاني: أن ثوابها مذخور لهم عند الله تعالى فصارت قربات عند الله وصلوات الرسول فيها وجهان: أحدهما: أنه استغفاره لهم ، قاله . ابن عباس
الثاني: دعاؤه لهم ، قاله . قتادة ألا إنها قربة لهم فيه وجهان: أحدهما: أن يكون راجعا إلى إيمانهم ونفقتهم أنها قربة لهم.
الثاني: إلى صلوات الرسول أنها قربة لهم.