قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة وكان السبب في أمر موسى لقومه بذلك، ما ذكره المفسرون: أن رجلا من بني إسرائيل كان غنيا، ولم يكن له ولد، وكان له قريب يرثه، فاستبطأ موته، فقتله سرا وألقاه في موضع الأسباط، وادعى قتله على أحدهم، فاحتكموا إلى موسى، فقال: من عنده من ذلك علم؟ فقالوا: أنت نبي الله، وأنت أعلم منا، فقال: إن الله عز وجل يأمركم أن تذبحوا بقرة، فلما سمعوا ذلك وليس في ظاهره جواب عما سألوا عنه قالوا أتتخذنا هزوا والهزء: اللعب والسخرية. قال الراجز:
قد هزئت مني أم طيسلة قالت أراه معدما لا شيء له
قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين لأن الخروج عن جواب السائل المسترشد إلى الهزء، جهل، فاستعاذ منه موسى، لأنها صفة تنتفي مع الأنبياء، وإنما أمر - والله أعلم - بذبح البقرة دون غيرها، لأنها من جنس ما عبدوه من العجل، ليهون عندهم ما كانوا يرونه من تعظيمه، وليعلم بإجابتهم زوال ما كان في نفوسهم من عبادته. والبقرة اسم للأنثى، والثور للذكر، مثل ناقة وجمل، وامرأة ورجل، فيكون تأنيثه بغير لفظه. واسم البقرة مأخوذ من الشق من قولهم بقر بطنه إذا شقه، لأنها تشق الأرض في الحرث.