لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم
قوله عز وجل: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة الآية. هي غزوة تبوك قبل الشام ، كانوا في عسرة من الظهر ، كان الرجلان والثلاثة على بعير وفي عسرة من الزاد ، قال حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما ، وكان النفر يتداولون التمرة بينهم يمصها أحدهم ثم يشرب عليها من الماء ، ثم يمصها الآخر ، وفي عسرة من الماء ، وكانوا في لهبان الحر وشدته. [ ص: 412 ] قال قتادة عبد الله بن محمد بن عقيل: وأصابهم يوما عطش شديد فجعلوا ينحرون إبلهم ويعصرون أكراشها فيشربون ماءها ، قال فأمطر الله السماء بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فغشينا. عمر بن الخطاب وفي هذه التوبة من الله على النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار وجهان محتملان: أحدهما: استنقاذهم من شدة العسر. والثاني: أنها خلاصهم من نكاية العدو. وعبر عن ذلك بالتوبة وإن خرج عن عرفها لوجود معنى التوبة فيه وهو الرجوع إلى الحالة الأولى. من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم فيه وجهان: أحدهما: تتلف بالجهد والشدة. والثاني: تعدل عن الحق في المتابعة والنصرة ، قاله . ابن عباس ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم وهذه التوبة غير الأولى ، وفيها قولان: أحدهما: أن التوبة الأولى في الذهاب ، والتوبة الثانية في الرجوع. والقول الثاني: أن الأولى في السفر ، والثانية بعد العودة إلى المدينة. فإن قيل بالأول ، أن التوبة الثانية في الرجوع ، احتملت وجهين: أحدهما: أنها الإذن لهم بالرجوع إلى المدينة.
الثاني: أنها بالمعونة لهم في إمطار السماء عليهم حتى حيوا ، وتكون التوبة على هذين الوجهين عامة. وإن قيل إن التوبة الثانية بعد عودهم إلى المدينة احتملت وجهين: أحدهما: أنها العفو عنهم من ممالأة من تخلف عن الخروج معهم.
الثاني: غفران ما هم به فريق منهم من العدول عن الحق ، وتكون التوبة على هذين الوجهين خاصة.