قوله عز وجل: وقال الشيطان لما قضي الأمر يعني إبليس. قال : يقف إبليس يوم القيامة خطيبا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعا. الحسن إن الله وعدكم وعد الحق يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعذاب العاصي. ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب. فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي فيه وجهان:
[ ص: 131 ] أحدهما: معناه ما أنا بمنجيكم وما أنتم بمنجي ، قاله الربيع بن أنس.
الثاني: ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثي ، قاله . والمصرخ: المغيث. والصارخ: المستغيث. ومنه قول مجاهد أمية بن أبي الصلت :
فلا تجزعوا إني لكم غير مصرخ فليس لكم عندي غناء ولا صبر
إني كفرت بما أشركتمون من قبل فيه وجهان: أحدهما: إني كفرت اليوم بما كنتم في الدنيا تدعونه لي من الشرك بالله تعالى ، قاله ابن بحر.
الثاني: إني كفرت قبلكم بما أشركتموني من بعد ؛ لأن كفر إبليس قبل كفرهم. قوله عز وجل: تحيتهم فيها سلام فيها وجهان: أحدهما: أن ، وهو قول الجمهور. تحية أهل الجنة إذا تلاقوا فيها السلام
الثاني: أن التحية ها هنا الملك ، ومعناه أن ملكهم فيها دائم السلام ، مأخوذ من قولهم في التشهد: التحيات لله ، أي الملك لله ، ذكره ابن شجرة. وفي المحيي لهم بالسلام ثلاثة أوجه: أحدها: أن الله تعالى يحييهم بالسلام.
الثاني: أن الملائكة يحيونهم بالسلام.
الثالث: أن بعضهم يحيي بعضا بالسلام. وتشبيه الكلمة الطيبة بها لأنها ثابتة في القلب كثبوت أصل النخلة في الأرض ، فإذا ظهرت عرجت إلى السماء كما يعلو فرع النخلة نحو السماء ، فكلما ذكرت نفعت ، كما أن النخلة إذا أثمرت نفعت.