هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من [ ص: 188 ] دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون
قوله عز وجل: والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا يعني من بعد ما ظلمهم أهل مكة حين أخرجوهم إلى الحبشة بعد العذاب والإبعاد. لنبوئنهم في الدنيا حسنة فيه أربعة أقاويل: أحدها: نزول المدينة ، قاله ابن عباس والشعبي وقتادة.
الثاني: الرزق الحسن ، قاله . مجاهد
الثالث: أنه النصر على عدوهم ، قاله . الضحاك
الرابع: أنه لسان صدق ، حكاه ويحتمل قولا خامسا: أنه ما استولوا عليه من فتوح البلاد وصار لهم فيها من الولايات. ابن جرير.
[ ص: 189 ] ويحتمل قولا سادسا: أنه ما بقي لهم في الدنيا من الثناء ، وما صار فيها لأولادهم من الشرف. وقال نزلت هذه الآية في داود بن إبراهيم: أبي جندل بن سهل ، وقال نزلت في الكلبي: بلال وعمار وصهيب عذبهم أهل وخباب بن الأرت مكة حتى قالوا لهم ما أرادوا في الدنيا ، فلما خلوهم هاجروا إلى المدينة. وروي أن رضي الله عنه كان إذا دفع إلى عمر بن الخطاب المهاجرين العطاء قال: هذا ما وعدكم الله في الدنيا ، وما خولكم في الآخرة أكثر ، ثم تلا عليهم هذه الآية.