ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا   إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا   
قوله عز وجل: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا  إلا أن يشاء الله  قال  الأخفش:  فيه إضمار وتقديره: إلا أن تقول إن شاء الله ، وهذا وإن كان أمرا فهو على وجه التأديب والإرشاد أن لا تعزم على أمر إلا أن تقرنه بمشيئة الله تعالى لأمرين: أحدهما: أن العزم ربما صد عنه بمانع فيصير في وعده مخلفا في قوله كاذبا ، قال موسى  عليه السلام ستجدني إن شاء الله صابرا   [الكهف: 70] ولم يصبر ولم يكن كاذبا لوجود الاستثناء في كلامه. 
الثاني: إذعانا لقدرة الله تعالى ، وإنه مدبر في أفعاله بمعونة الله وقدرته. 
 [ ص: 299 ] الثالث: يختص بيمينه إن حلف وهو سقوط الكفارة عنه إذا حنث. واذكر ربك إذا نسيت  فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنك إذا نسيت الشيء فاذكر الله ليذكرك إياه ، فإن فعل فقد أراد منك ما ذكرك ، وإلا فسيدلك على ما هو أرشد لك مما نسيته ، قاله بعض المتكلمين. 
الثاني: واذكر ربك إذا غضبت ، قاله  عكرمة  ، ليزول عنك الغضب عند ذكره. 
الثالث: واذكر ربك إذا نسيت الاستثناء بمشيئة الله في يمينك. وفي الذكر المأمور به قولان: أحدهما: أنه ما ذكره في بقية الآية وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا  الثاني: أنه قول إن شاء الله الذي كان نسيه عند يمينه. واختلفوا في ثبوت الاستثناء بعد اليمين  على خمسة أقاويل: أحدها: أنه يصح الاستثناء بها إلى سنة ، فيكون كالاستثناء بها مع اليمين في سقوط الكفارة ولا يصح بعد السنة ، قاله  ابن عباس   . 
الثاني: يصح الاستثناء بها في مجلس يمينه ، ولا يصح بعد فراقه ، قاله  الحسن   وعطاء.  
الثالث: يصح الاستثناء بها ما لم يأخذ في كلام غيره. 
الرابع: يصح الاستثناء بها مع قرب الزمان ، ولا يصح مع بعده. 
الخامس: أنه لا يصح الاستثناء بها إلا متصلا بيمينه وهو الظاهر من مذهب  مالك   والشافعي  رحمهما الله. 
				
						
						
