[ ص: 87 ] قوله تعالى : إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية
أخرج في «الموطأ»، مالك ، وأحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن جرير وابن أبي داود ، في «المصاحف» معا ، وابن الأنباري ، وابن أبي حاتم في «السنن» ، عن والبيهقي رضي الله عنها، عائشة قال لها : أرأيت قول الله تعالى : عروة إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فما أرى على أحد جناحا ألا يطوف بهما . فقالت : بئسما قلت يا ابن أختي ، إنها لو كانت على ما أولتها كانت : فلا جناح عليه ألا يطوف بهما . ولكنها إنما نزلت أن عائشة الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية . فأنزل الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية ، قالت رضي الله عنها : ثم قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما ، فليس لأحد أن يدع الطواف بهما . عائشة أن
وأخرج ، عبد بن حميد ، والبخاري ، والترمذي ، وابن جرير وابن أبي داود في «المصاحف» ، ، وابن أبي حاتم وابن السكن، ، عن والبيهقي ، أنه سئل [ ص: 88 ] عن أنس الصفا والمروة ، قال : كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية ، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما ، فأنزل الله تعالى : إن الصفا والمروة من شعائر الله .
وأخرج وصححه ، الحاكم ، عن وابن مردويه قالت : عائشة نزلت هذه الآية في الأنصار ؛ كانوا في الجاهلية إذا أحرموا لا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما قدمنا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله .
وأخرج ، ابن جرير وابن أبي داود في «المصاحف» ، ، وابن أبي حاتم وصححه، عن والحاكم قال : ابن عباس كانت الشياطين في الجاهلية تعزف الليل أجمع بين الصفا والمروة، وكانت فيهما آلهة لهم أصنام، فلما جاء الإسلام قال المسلمون : يا رسول الله ، لا نطوف بين الصفا والمروة ؛ فإنه شيء كنا نصنعه في الجاهلية . فأنزل الله : فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما يقول : ليس عليه إثم، ولكن له أجر .
وأخرج في «الأوسط»، عن الطبراني قال : قالت ابن عباس الأنصار : إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية . فأنزل الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية .
وأخرج ، عن ابن جرير عمرو بن حبشي قال : سألت عن قوله : ابن عمر إن الصفا والمروة الآية . فقال : انطلق إلى فاسأله ؛ فإنه أعلم من بقي بما أنزل على ابن عباس محمد . فأتيته فسألته ، فقال : إنه كان عندهما أصنام، فلما أسلموا أمسكوا عن الطواف بينهما حتى أنزلت : إن الصفا والمروة الآية .
وأخرج ، عن ابن جرير في قوله : ابن عباس إن الصفا والمروة من شعائر الله : وذلك أن ناسا تحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فأخبر الله أنهما من شعائره ، والطواف بينهما أحب إليه ، فمضت السنة بالطواف بينهما .
وأخرج ، سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر قال : عامر الشعبي كان وثن بالصفا يدعى إسافا، ووثن بالمروة يدعى نائلة، فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت يسعون بينهما، ويمسحون الوثنين ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله، إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين، وليس الطواف بهما من الشعائر . فأنزل الله : إن الصفا والمروة الآية ، فذكر الصفا من أجل الوثن الذي كان [ ص: 90 ] عليه، وأنث المروة من أجل الوثن الذي كان عليه مؤنثا .
وأخرج ، سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، عن وابن جرير قال : مجاهد قالت الأنصار : إنما السعي بين هذين الحجرين من أمر أهل الجاهلية . فأنزل الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله . قال : من الخير الذي أخبرتكم عنه ، فلم يحرج من لم يطف بهما ، ومن تطوع خيرا فهو خير له ، فتطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت من السنن ، فكان يقول : يبدل مكانه سبعين عطاء بالكعبة إن شاء .
وأخرج ، عن ابن جرير قال : كان ناس من أهل قتادة تهامة في الجاهلية لا يطوفون بين الصفا والمروة، فأنزل الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله وكان من سنة إبراهيم وإسماعيل الطواف بينهما .
وأخرج ، عبد بن حميد ، ومسلم ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن مردويه في "سننه" من طريق والبيهقي عن الزهري، ، عن عروة قالت : عائشة كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة في الجاهلية -ومناة صنم بين مكة والمدينة - قالوا : يا نبي الله، إنا كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة، فهل علينا من [ ص: 91 ] حرج أن نطوف بهما؟ فأنزل الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية . قال : فقلت عروة : ما أبالي ألا أطوف بين لعائشة الصفا والمروة . قال الله : فلا جناح عليه أن يطوف بهما فقالت : يا ابن أختي ، ألا ترى أنه يقول : إن الصفا والمروة من شعائر الله . قال : فذكرت ذلك الزهري لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقال : هذا العلم . قال : ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : لما أنزل الله الطواف أبو بكر بالبيت ولم ينزل الطواف بين الصفا والمروة، قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نطوف في الجاهلية بين الصفا والمروة، وإن الله قد ذكر الطواف بالبيت ولم يذكر الطواف بين الصفا والمروة، فهل علينا من حرج ألا نطوف بهما ؟ فأنزل الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية كلها . قال : فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما ؛ في من طاف، وفي من لم يطف . أبو بكر
وأخرج ، وكيع ، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، ومسلم ، وابن ماجه ، عن وابن جرير قالت : لعمري ما أتم الله حج من لم يسع بين عائشة الصفا والمروة ولا عمرته؛ لأن الله قال : إن الصفا والمروة من شعائر الله .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن ومسلم قال : كانت أنس الأنصار يكرهون أن يطوفوا بين الصفا والمروة حتى نزلت هذه الآية : إن الصفا والمروة من شعائر الله فالطواف بينهما تطوع .
وأخرج في «فضائله» ، أبو عبيد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير وابن أبي داود في «المصاحف» ، ، وابن الأنباري، عن وابن المنذر ، أنه كان يقرأ : (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما ) . ابن عباس
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر قال : في مصحف عطاء (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما ) . ابن مسعود
وأخرج ابن أبي داود في «المصاحف» ، عن قال : وجدت في مصحف حماد : (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما ) . أبي
وأخرج ابن أبي داود عن ، أنه كان يقرأ : (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما ) . مجاهد
وأخرج في «الأوسط»، عن الطبراني ، أنه قرأ : ابن عباس فلا جناح عليه أن يطوف مثقلة، فمن ترك فلا بأس .
وأخرج ، سعيد بن منصور وصححه ، عن والحاكم ، أنه أتاه رجل [ ص: 93 ] فقال : أبدأ ابن عباس بالصفا قبل المروة، أو أبدأ بالصفا قبل المروة؟ وأصلي قبل أن أطوف أو أطوف قبل؟ وأحلق قبل أن أذبح أو أذبح قبل أن أحلق؟ فقال : خذوا ذلك من كتاب الله ، فإنه أجدر أن يحفظ ؛ قال الله : ابن عباس إن الصفا والمروة من شعائر الله فالصفا قبل المروة، وقال : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فالذبح قبل الحلق ، وقال : وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود فالطواف قبل الصلاة .
وأخرج ، عن وكيع قال : قلت سعيد بن جبير لم بدئ لابن عباس بالصفا قبل المروة؟ قال : لأن الله قال : إن الصفا والمروة من شعائر الله .
وأخرج مسلم، ، والترمذي ، وابن جرير في "سننه" ، عن والبيهقي قال : جابر لما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصفا في حجته قال : " إن الصفا والمروة من شعائر الله ، ابدءوا بما بدأ الله به " . فبدأ بالصفا فرقي عليه .
وأخرج ، الشافعي وابن سعد، ، وأحمد ، وابن المنذر وابن قانع، ، عن والبيهقي حبيبة بنت أبي تجراة قالت : الصفا والمروة، والناس بين يديه وهو وراءهم، وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي، يدور به إزاره وهو يقول : "اسعوا، فإن الله عز وجل كتب عليكم السعي" . [ ص: 94 ] وأخرج رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين ، عن الطبراني قال : ابن عباس سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حج عن الرمل، فقال : "إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا" .
وأخرج ، عن وكيع قال : سألت أبي الطفيل عامر بن واثلة عن ابن عباس الصفا والمروة ، فقال : فعله السعي بين إبراهيم عليه السلام .
وأخرج الطبراني، ، عن والبيهقي قال : قلت أبي الطفيل : لابن عباس يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة، وأن ذلك سنة . قال : صدقوا ، إن إبراهيم لما أمر بالمناسك اعترض عليه الشيطان عند المسعى، فسابقه، فسبقه إبراهيم .
وأخرج عن الحاكم ، أنه رآهم يطوفون بين ابن عباس الصفا والمروة فقال : هذا مما أورثتكم أم إسماعيل .
وأخرج في «تالي التلخيص» عن الخطيب قال : أقبل سعيد بن جبير إبراهيم ومعه هاجر وإسماعيل عليهم السلام ، فوضعهم عند البيت ، فقالت : آلله أمرك [ ص: 95 ] بهذا ؟ قال : نعم ، قال : فعطش الصبي، فنظرت فإذا أقرب الجبال إليها الصفا ، فسعت ، فرقت عليه ، فنظرت فلم تر شيئا ، ثم نظرت فإذا أقرب الجبال إليها المروة، فنظرت فلم تر شيئا ، قال : فهي أول من سعى بين الصفا والمروة، ثم أقبلت فسمعت حفيفا أمامها ، قالت : قد أسمع ، فإن يكن عندك غياث فهلم ، فإذا جبريل أمامها يركض زمزم بعقبه ، فنبع الماء، فجاءت بشن لها تقرش فيه الماء، فقال لها : تخافين العطش؟ هذا بلد ضيفان الله، لا يخافون العطش .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وأبو داود ، والترمذي وصححاه، والحاكم في «شعب الإيمان»، عن والبيهقي قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عائشة "إنما جعل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله لا لغيره" .
وأخرج الأزرقي، عن قال : السنة في الطواف بين أبي هريرة الصفا والمروة أن ينزل من الصفا، ثم يمشي حتى يأتي بطن المسيل، فإذا جاءه سعى حتى يظهر [ ص: 96 ] منه ، ثم يمشي حتى يأتي المروة .
وأخرج الأزرقي من طريق ، عن مسروق ، أنه خرج إلى ابن مسعود الصفا ، فقام إلى صدع فيه فلبى ، فقلت له : إن ناسا ينهون عن الإهلال هاهنا . قال : ولكني آمرك به ، هل تدري ما الإهلال ؟ إنما هي استجابة موسى لربه ، فلما أتى الوادي رمل، وقال : رب اغفر وارحم، إنك أنت الأعز الأكرم .
وأخرج الطبراني، في "سننه"، عن والبيهقي ، أنه قام على الصدع الذي في ابن مسعود الصفا وقال : هذا، والذي لا إله غيره، مقام الذي أنزلت عليه سورة "البقرة" .