قوله تعالى : وإذ بوأنا الآية .
أخرج ، ابن عدي ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه بسند ضعيف عن والديلمي قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عائشة دثر مكان البيت فلم يحجه هود ولا صالح حتى بوأه الله لإبراهيم .
وأخرج ، ابن جرير وصححه، من طريق والحاكم حارثة بن مضرب عن قال : لما أمر علي إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر، فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة، فيه مثل الرأس فكلمه، فقال : يا إبراهيم ابن على ظلي- أو على قدري- ولا تزد ولا تنقص .
فلما بنى خرج وخلف إسماعيل وهاجر ، وذلك حين يقول الله : وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت الآية .
[ ص: 460 ] وأخرج في " المصنف " ، عبد الرزاق ، وعبد بن حميد عن وابن المنذر قال : لما أهبط الله عطاء بن أبي رباح آدم كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء، يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم فأنس إليهم، فهابت الملائكة منه حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها، فأخفضه الله إلى الأرض، فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا إلى الله في دعائه وفي صلاته، فوجه إلى مكة فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة، حتى انتهى إلى مكة فأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة، فكانت على موضع البيت الآن، فلم يزل يطاف به حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوتة حتى بعث الله إبراهيم فبناه ، فذلك قول الله : وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت .
وأخرج ، عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر من طريق معمر ، عن وابن أبي حاتم قال : وضع الله البيت مع قتادة آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، وكانت الملائكة تهابه، فنقص إلى ستين ذراعا فحزن آدم، إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم، فشكا ذلك إلى الله، فقال الله : يا آدم إني قد أهبطت لك بيتا يطاف به كما يطاف حول عرشي، ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي ، فاخرج إليه ، فخرج إليه آدم ومد له في خطوه فكان بين كل خطوتين مفازة ، فلم تزل تلك المفاوز بعد على ذلك ، وأتى آدم فطاف به، ومن بعده من الأنبياء .
[ ص: 461 ] قال : وأخبرني معمر أبان أن البيت أهبط ياقوتة واحدة أو درة واحدة .
قال : وبلغني أن سفينة معمر نوح طافت بالبيت سبعا، حتى إذا أغرق الله قوم نوح فقد، وبقي أساسه، فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك ، فذلك قول الله : وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت .
قال : قال معمر : قال ناس : أرسل الله سحابة فيها رأس، فقال الرأس : يا ابن جريج إبراهيم، إن ربك يأمرك أن تأخذ قدر هذه السحابة ، فجعل ينظر إليها ويخط قدرها ، قال الرأس : قد فعلت؟ قال : نعم ، ثم ارتفعت فحفر فأبرز عن أساس ثابت في الأرض .
قال : قال ابن جريج : أقبل الملك والصرد والسكينة مع مجاهد إبراهيم من الشام فقالت السكينة : يا إبراهيم ربض علي البيت ، قال : فلذلك لا يطوف بالبيت أعرابي ولا ملك من هذه الملوك إلا رأيت عليه السكينة والوقار .
قال : وقال ابن جريج : قال ابن المسيب : وكان الله استودع الركن علي بن أبي طالب أبا قبيس، فلما بنى إبراهيم ناداه أبو قبيس فقال : يا إبراهيم هذا الركن في فخده ، فاحتفر عنه فوضعه، فلما فرغ إبراهيم من بنائه قال : قد فعلت يا رب فأرنا مناسكنا ؛ أبرزها لنا، علمناها . فبعث الله جبريل فحج به، حتى إذا رأى عرفة قال : قد عرفت . وكان أتاها قبل ذلك مرة ، قال : فلذلك سميت عرفة، حتى إذا كان يوم النحر عرض له الشيطان فقال : احصب .
[ ص: 462 ] فحصبه بسبع حصيات ، ثم اليوم الثاني والثالث، فسد ما بين الجبلين - يعني إبليس - فلذلك كان رمي الجمار ، قال : اعل على ثبير ، فعلاه فنادى : يا عباد الله أجيبوا الله ، يا عباد الله أطيعوا الله ، فسمع دعوته من بين الأبحر السبع ممن كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ، فهي التي أعطى الله إبراهيم في المناسك؛ قوله : لبيك اللهم لبيك . ولم يزل على وجه الدهر في الأرض سبعة مسلمون فصاعدا، فلولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها .
وأخرج عن ابن أبي حاتم قال : كان البيت غثاة على الماء قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عاما، ومنه دحيت الأرض . كعب الأحبار
وأخرج ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم في " الدلائل " عن والبيهقي قال : إن الله عز وجل أمر السدي إبراهيم أن يبني البيت هو وإسماعيل، فانطلق إبراهيم حتى أتى مكة فقام هو وإسماعيل وأخذ المعاول لا يدريان أين البيت، فبعث الله ريحا يقال لها : ريح الخجوج . لها جناحان ورأس في صورة حية، فكنست لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول، واتبعاها بالمعاول يحفران [ ص: 463 ] حتى وضعا الأساس ، فذلك حين يقول الله تعالى : وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت فلما بنيا القواعد فبلغ مكان الركن قال إبراهيم لإسماعيل : اطلب لي حجرا حسنا أضعه ههنا ، قال : يا أبت إني كسلان لغب . قال : علي ذلك . فانطلق يطلب له حجرا فجاءه بحجر فلم يرضه، فقال : ائتني بحجر أحسن من هذا ، فانطلق يطلب حجرا، فجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند، وكان أبيض، ياقوتة بيضاء مثل الثغامة، وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس، فجاءه إسماعيل بحجر فوجده عند الركن فقال : يا أبت من جاءك بهذا؟ قال : جاءني به من هو أنشط منك ، فبينما هما يدعوان بالكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه، فلما فرغا من البنيان أمره الله أن ينادي ، فقال : وأذن في الناس بالحج .
وأخرج عن ابن أبي حاتم حوشب بن عقيل قال : سألت محمد بن عباد بن جعفر : متى كان البيت؟ قال : خلقت الأشهر له . قلت : كم كان طول بناء إبراهيم؟ قال : ثمانية عشر ذراعا . قلت : كم هو اليوم؟ قال : ستة وعشرون ذراعا . قلت : هل بقي من حجارة بناء إبراهيم شيء؟ فقال : حشي به البيت إلا حجرين مما يليا الحجر .
[ ص: 464 ] وأخرج وصححه ، عن الحاكم قال : ابن عباس وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود قال : فالطواف قبل الصلاة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه المنطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير . قال الله لنبيه :
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر عن وابن أبي حاتم في قوله : عطاء للطائفين قال : الذين يطوفون به : والقائمين قال : المصلين عنده .
وأخرج ، عبد الرزاق ، عن وابن جرير قال : القائمون المصلون . قتادة