قوله تعالى : وأوتينا من كل شيء الآية .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم قال : كان أبي الدرداء داود يقضي بين البهائم يوما وبين الناس يوما، فجاءت بقرة فوضعت قرنها في حلقة الباب، ثم تبغمت كما تبغم الوالدة على ولدها، وقالت : كنت شابة كانوا ينتجوني ويستعملوني، ثم إني كبرت، فأرادوا أن يذبحوني . ثم قال داود : أحسنوا إليها [ ص: 342 ] ولا تذبحوها . ثم قرأ : علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء .
وأخرج في "المستدرك" عن الحاكم جعفر بن محمد قال : أعطي سليمان ملك مشارق الأرض ومغاربها، فملك سليمان سبعمائة سنة وستة أشهر، ملك أهل الدنيا كلهم من الجن، والإنس، والدواب، والطير، والسباع، وأعطي كل شيء، ومنطق كل شيء، وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة، حتى إذا أراد الله أن يقبضه إليه أوحى إليه أن استودع علم الله وحكمته أخاه وولد داود، كانوا أربعمائة وثمانين رجلا، أنبياء بلا رسالة . قال الذهبي : هذا باطل .
وأخرج عن الحاكم قال : بلغنا أن محمد بن كعب سليمان كان عسكره مائة فرسخ؛ خمسة وعشرون منها للإنس، وخمسة وعشرون للجن، وخمسة وعشرون للوحش، وخمسة وعشرون للطير، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب، فيها ثلاثمائة صريحة، وسبعمائة سرية، فأمر الريح العاصف فرفعته، فأمر الريح فسارت به، فأوحى الله إليه : إني زدت في ملكك ألا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك .
وأخرج في زوائد "الزهد"، عبد الله بن أحمد ، عن وابن المنذر قال : مر وهب بن منبه سليمان بن داود وهو في ملكه قد حملته الريح، على رجل [ ص: 343 ] حراث من بني إسرائيل، فلما رآه قال : سبحان الله، لقد أوتي آل داود ملكا . فحملتها الريح فوضعتها في أذنه، فقال : ائتوني بالرجل . فأتي به، فقال : ماذا قلت؟ فأخبره، فقال سليمان : إني خشيت عليك الفتنة، لثواب "سبحان الله"، عند الله يوم القيامة أعظم مما أوتي آل داود، فقال الحراث : أذهب الله همك كما أذهبت همي . قال : وكان سليمان رجلا أبيض جسيما، أشعر غزاء، لا يسمع بملك إلا أتاه فقاتله فدوخه، يأمر الشياطين فيجعلون له دارا من قوارير، فيحمل ما يريد من آلة الحرب فيها، ثم يأمر العاصف فتحمله من الأرض، ثم يأمر الرخاء فتقدمه حيث شاء .
وأخرج ، عن ابن المنذر يحيى بن كثير قال : قال سليمان بن داود لبني إسرائيل : ألا أريكم بعض ملكي اليوم؟ قالوا : بلى يا نبي الله . قال : يا ريح، ارفعينا . فرفعتهم الريح فجعلتهم بين السماء والأرض، ثم قال : يا طير، أظلينا . فأظلتهم الطير بأجنحتها لا يرون الشمس، قال : يا بني إسرائيل، أي ملك ترون؟ قالوا : نرى ملكا عظيما . قال : فوالذي نفس سليمان بيده، لقول العبد : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، خير من ملكي هذا، ومن الدنيا وما فيها، يا بني إسرائيل، من خشي [ ص: 344 ] الله في السر والعلانية، وقصد في الغنى والفقر، وعدل في الرضا والغضب، وذكر الله على كل حال فقد أعطي مثل ما أعطيت .