قوله تعالى : إنك ميت الآيتين .
أخرج عبد بن حميد ، والنسائي وابن أبي حاتم ، والطبراني عن وابن مردويه قال : لقد لبثنا برهة من دهرنا ونحن نرى أن هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين من قبلنا : ابن عمر إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قلنا : كيف نختصم ونبينا واحد وكتابنا واحد؟ حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف، فعرفت أنها فينا نزلت .
وأخرج في "الفتن" نعيم بن حماد وصححه، والحاكم عن [ ص: 656 ] وابن مردويه قال : عشنا برهة من دهرنا وما نرى هذه الآية نزلت فينا : ابن عمر إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون فقلت : لم نختصم؟ أما نحن فلا نعبد إلا الله وأما ديننا فالإسلام، وأما كتابنا فالقرآن لا نغيره أبدا ولا نحرف الكتاب، وأما قبلتنا فالكعبة، وأما حرامنا -أو حرمنا- فواحد، وأما نبينا فمحمد صلى الله عليه وسلم، فكيف نختصم؟ حتى كفح بعضنا وجه بعض بالسيف فعرفت أنها نزلت فينا .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير عن وابن مردويه قال : نزلت علينا الآية : ابن عمر ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون وما ندري ما تفسيرها -ولفظ عبد بن حميد : وما ندري فيم نزلت- قلنا : ليس بيننا خصومة، فما التخاصم؟ حتى وقعت الفتنة، فقلنا : هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه .
وأخرج ، عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن وابن عساكر قال : أنزلت هذه الآية : إبراهيم النخعي إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قالوا : وما خصومتنا ونحن إخوان؟ فلما قتل قالوا : هذه خصومة ما بيننا . عثمان بن عفان
[ ص: 657 ] وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد عن الفضل بن عيسى قال : لما أن قرئت هذه الآية : إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قيل : يا رسول الله فيم الخصومة؟ قال : "في الدماء" .
وأخرج عن عبد بن حميد في قوله : قتادة إنك ميت وإنهم ميتون قال : نعى لنبيه صلى الله عليه وسلم نفسه، ونعى لكم أنفسكم .
وأخرج عبد الرزاق ، وأحمد وابن منيع، وابن أبي عمر وعبد بن حميد وصححه، والترمذي ، وابن أبي حاتم وصححه، والحاكم وابن مردويه في "الحلية" وأبو نعيم في "البعث والنشور" عن والبيهقي قال : الزبير بن العوام إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قلت : يا رسول الله أيكرر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ قال : نعم، ليكررن عليكم ذلك حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه، قال الزبير : فوالله إن الأمر لشديد . لما نزلت :
[ ص: 658 ] وأخرج ، ابن جرير ، والطبراني وابن مردويه عن وأبو نعيم قال : عبد الله بن الزبير إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قال يا رسول الله يكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم، ليكرر ذلك عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه قال الزبير : والله إن الأمر لشديد . الزبير : لما نزلت هذه الآية :
وأخرج عن سعيد بن منصور قال : لما نزلت : أبي سعيد الخدري ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون كنا نقول : ربنا واحد، وديننا واحد فما هذه الخصومة؟ فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا : نعم، هو هذا .
وأخرج بسند حسن عن أحمد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة ليختصمن يوم القيامة كل شيء حتى الشاتان فيما انتطحتا .
وأخرج أحمد عن وأبو يعلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي سعيد الخدري والذي نفسي بيده إنه ليختصم الشاتان فيما انتطحتا .
[ ص: 659 ] وأخرج ، الطبراني بسند لا بأس به عن وابن مردويه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي أيوب، وإن منكم إلا واردها [مريم : 71 ] . أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته، والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تغيب لزوجها، وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها، ثم يدعى الرجل وخادمه بمثل ذلك، ثم يدعى أهل الأسواق وما يوجد ثم دوانق ولا قراريط ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلم وسيئات هذا الذي ظلمه توضع عليه، ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد، فيقال : أوردوهم النار، فوالله ما أدري يدخلونها، أو كما قال الله :
وأخرج ، أحمد بسند حسن، عن والطبراني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عقبة بن عامر أول خصمين يوم القيامة جاران .
وأخرج عن البزار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنس يجاء بالأمير الجائر فتخاصمه الرعية، فيفلجون عليه، فيقال له : سد ركنا من أركان جهنم" .
[ ص: 660 ] وأخرج عن ابن منده قال : يختصم الناس يوم القيامة حتى تختصم الروح مع الجسد، فتقول الروح للجسد : أنت فعلت . ويقول الجسد للروح : أنت أمرت وأنت سولت، فيبعث الله ملكا فيقضي بينهما، فيقول لهما : إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير وآخر ضرير دخلا بستانا، فقال المقعد للضرير : إني أرى ههنا ثمارا، ولكن لا أصل إليها، فقال له الضرير : اركبني فتناولها فركبه فتناولها، فأيهما المعتدي؟ فيقولان : كلاهما فيقول لهما الملك : فإنكما قد حكمتما على أنفسكما، يعني أن الجسد للروح كالمطية وهو راكبه . ابن عباس
وأخرج عن ابن جرير في قوله : ابن عباس ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون يقول : يخاصم الصادق الكاذب، والمظلوم الظالم والمهتدي الضال والضعيف المستكبر .
وأخرج في "الزهد" عن أحمد ، أن رجلا أبصر جنازة، فقال : من هذا؟ فقال : أبي الدرداء هذا أنت، هذا أنت، يقول الله : أبو الدرداء : إنك ميت وإنهم ميتون .