قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم الآيتين .
أخرج البخاري، ، وابن المنذر عن والطبراني قال : ابن أبي مليكة أبو بكر رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه [ ص: 530 ] ركب وعمر بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس، وأشار الآخر برجل آخر، فقال أبو بكر ما أردت إلا خلافي قال : ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله : لعمر : يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية، قال فما كان ابن الزبير : يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه . عمر كاد الخيران أن يهلكا
وأخرجه من طريق الترمذي قال : حدثني ابن أبي مليكة به . عبد الله بن الزبير
وأخرج ابن جرير من طريق والطبراني عن ابن أبي مليكة عبد الله بن الزبير الأقرع بن حابس قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله استعمله على قومه فقال أبو بكر : لا تستعمله يا رسول الله، فتكلما عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى ارتفعت أصواتهما فقال عمر : أبو بكر ما أردت إلا خلافي قال : ما أردت خلافك فنزلت هذه الآية : لعمر : يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي فكان بعد ذلك إذا تكلم عند النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمع كلامه حتى يستفهمه . عمر أن
وأخرج البزار، وابن عدي والحاكم، عن وابن مردويه، قال : أبي بكر الصديق يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي [ ص: 531 ] قلت : يا رسول الله : والله لا أكلمك إلا كأخي السرار . لما نزلت هذه الآية :
وأخرج عبد بن حميد وصححه، والحاكم في شعب الإيمان من طريق والبيهقي عن أبي سلمة قال : أبي هريرة إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله قال والذي أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار حتى ألقى الله . أبو بكر : لما نزلت :
وأخرج عبد بن حميد، عن وابن جرير، قتادة قال : كانوا يجهرون له بالكلام ويرفعون أصواتهم فأنزل الله لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي .
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، ، وابن المنذر في شعب الإيمان عن والبيهقي في قوله : مجاهد ولا تجهروا له بالقول الآية . قال : لا تنادوه نداء ولكن قولوا قولا لينا : يا رسول الله .
[ ص: 532 ] وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو يعلى في معجم الصحابة، والبغوي ، وابن المنذر ، والطبراني وابن مردويه، في "الدلائل" عن والبيهقي قال : أنس يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي إلى قوله : وأنتم لا تشعرون وكان رفيع الصوت فقال : أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم حبط عملي، أنا من أهل النار . وجلس في بيته حزينا ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له : فقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك؟ قال : أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي وأجهر له بالقول، حبط عملي أنا من أهل النار فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك فقال : لا بل هو من أهل الجنة . فلما كان يوم ثابت بن قيس بن شماس اليمامة قتل . لما نزلت
وأخرج ابن جرير والطبراني وصححه، والحاكم عن وابن مردويه، محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال : لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول قعد ثابت في الطريق يبكي فمر به عاصم بن عدي بن العجلان فقال : ما يبكيك يا ثابت قال : هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت في وأنا صيت رفيع الصوت فمضى عاصم بن عدي [ ص: 533 ] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبره فقال : اذهب فادعه لي فجاء فقال : ما يبكيك يا ثابت؟ فقال : أنا صيت وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت في فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة قال : رضيت ببشرى الله ورسوله ولا أرفع صوتي أبدا على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : فأنزل الله : إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله الآية . لما نزلت هذه الآية
وأخرج ابن حبان والطبراني في المعرفة عن وأبو نعيم إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري قال : يا رسول الله : لقد خشيت أن أكون قد هلكت، قال : لم؟ قال : يمنع الله المرء أن يحمد بما لم يفعل وأجدني أحب الحمد وينهى عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال وينهى أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا جهير الصوت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ثابت بن قيس ثابت أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة؟ أن
قال الحافظ ابن حجر في الأطراف : هكذا أخرجه بهذا السياق وليس فيه ما يدل على أن ابن حبان إسماعيل سمعه من ثابت فهو منقطع .
[ ص: 534 ] ورواه في الموطأ عن مالك عن ابن شهاب إسماعيل عن ثابت أنه قال : فذكره ولم يذكره من رواة الموطأ أحد إلا سعيد بن عفير وحده وقال : قال قتل مالك : يوم ثابت بن قيس اليمامة، قال ابن حجر : فلم يدركه إسماعيل فهو منقطع قطعا انتهى .
وأخرج عن ابن جرير شمر بن عطية قال : جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محزون فقال : يا ثابت بن قيس بن شماس ثابت ما الذي أرى بك؟ قال : آية قرأتها الليلة فأخشى أن يكون قد حبط عملي يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي وكان في أذنه صمم فقال : أخشى أن أكون قد رفعت صوتي وجهرت لك بالقول وأن أكون قد حبط عملي وأنا لا أشعر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : امش على الأرض نشيطا فإنك من أهل الجنة .
وأخرج البغوي، في معجم الصحابة عن وابن قانع محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن قال : ثابت بن قيس بن شماس يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي قعدت في بيتي فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تعيش حميدا وتقتل شهيدا فقتل يوم اليمامة . لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم
وأخرج البغوي، ، وابن المنذر والطبراني والحاكم، [ ص: 535 ] وابن مردويه، في المتفق والمفترق عن والخطيب قال : عطاء الخراساني المدينة فلقيت رجلا من الأنصار، فقلت : حدثني حديث قال : قم معي، فانطلقت معه حتى دخلنا على امرأة، فقال الرجل : هذه ابنة ثابت بن قيس بن شماس، فسلها عما بدا لك، فقلت : حدثيني، فقالت : سمعت أبي يقول : لما أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثابت بن قيس بن شماس يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية . دخل بيته وأغلق عليه بابه وطفق يبكي فافتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما شأن ثابت؟ فقالوا : يا رسول الله ما ندري ما شأنه غير أنه قد أغلق عليه باب بيته فهو يبكي فيه، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله : ما شأنك؟ قال : يا رسول الله : أنزل الله عليك هذه الآية وأنا شديد الصوت فأخاف أن أكون قد حبط عملي، فقال : لست منهم، بل تعيش بخير وتموت بخير، قالت : ثم أنزل الله على نبيه إن الله لا يحب كل مختال فخور [لقمان : 18] فأغلق عليه بابه وطفق يبكي فيه فافتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ثابت ما شأنه؟ قالوا : يا رسول الله والله ما ندري ما شأنه غير أنه قد أغلق عليه باب بيته، وطفق يبكي، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما شأنك؟ فقال : يا رسول الله : أنزل الله [ ص: 536 ] عليك : إن الله لا يحب كل مختال فخور والله إني لأحب الجمال وأحب أن أسود قومي، قال : لست منهم بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا ويدخلك الله الجنة بسلام، قالت : فلما كان يوم اليمامة خرج مع إلى خالد بن الوليد مسيلمة الكذاب فلما لقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انكشفوا فقال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة : ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم حفر كل واحد منهما لنفسه حفرة وحمل عليهم القوم فثبتا حتى قتلا، وكانت على ثابت يومئذ درع له نفيسة فمر به رجل من المسلمين فأخذها فبينا رجل من المسلمين نائم إذ أتاه في منامه فقال له : إني أوصيك بوصية إياك أن تقول : هذا حلم فتضيعه : إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله في أقصى العسكر، وعند خبائه فرس يستن في طوله وقد كفأ على الدرع برمة وجعل فوق البرمة رحلا، فأت ثابت بن قيس فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها وإذا قدمت على خليفة رسول الله فأخبره أن علي من الدين كذا وكذا ولي من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق وفلان، فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، فأتى الرجل خالد بن الوليد فأخبره فبعث إلى الدرع فنظر إلى خباء في أقصى [ ص: 537 ] العسكر، فإذا عنده فرس يستن في طوله فنظروا في الخباء فإذا ليس فيه أحد فدخلوا فرفعوا الرحل فإذا تحته برمة، ثم رفعوا البرمة فإذا الدرع تحتها فأتوا به خالد بن الوليد ، فلما قدموا خالد بن الوليد المدينة حدث الرجل برؤياه فأجاز وصيته بعد موته ولم نعلم أحدا من المسلمين جوز وصيته بعد موته غير أبا بكر ثابت بن قيس بن شماس . قدمت
وأخرج عن ابن مردويه في قوله : ابن مسعود لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية قال : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس .
وأخرج الترمذي، وابن حبان، عن وابن مردويه، صفوان بن عسال محمد يا محمد فقلنا له : ويحك اخفض من صوتك فإنك قد نهيت عن هذا قال : لا والله حتى أسمعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هاؤم قال : أرأيت رجلا يحب قوما ولم يلحق بهم؟ قال : المرء مع من أحب . أن رجلا من أهل البادية أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يناديه بصوت له جهوري : يا
[ ص: 538 ] وأخرج عن ابن مردويه قال : أبي هريرة لما أنزل الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : منهم ثابت بن قيس بن شماس .
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير في شعب الإيمان عن والبيهقي في قوله : مجاهد امتحن قال : أخلص .
وأخرج ، عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن وابن جرير، في الآية قال : أخلص الله قلوبهم فيما أحب . قتادة
وأخرج في الزهد عن أحمد، قال : كتب إلى مجاهد يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر : إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها عمر : أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم .
وأخرج عن الحكيم الترمذي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مكحول نفس ابن آدم شابة ولو التقت ترقوتاه من الكبر إلا من امتحن الله قلبه للتقوى وقليل ما هم .
[ ص: 539 ] وأخرج في الزهد عن ابن المبارك قال : لا تزال نفس أحدكم شابة في حب الشيء ولو التقت ترقوتاه من الكبر إلا الذين امتحن الله قلوبهم وقليل ما هم . أبي الدرداء